٢- ذكر الوجوه والآراء المختلفة، وذلك نحو قول الأزهري في مادة (عجز) : ((قال الله عزّ وجلّ: {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ في الأرضِ ولا في السّمَاءِ} (١١٨) قال الفرّاء: يقول القائل كيف وصفهم الله أنهم لا يُعجِزون في الأرض ولا في السّماء وليسوا في أهل السماء؟ فالمعنى ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السّماء بمعجِز. وقال أبو إسحاق: معناه ما أنتم بمعجزِين في الأرض ولا لو كنتم في السّماء. وقال أبو العباس: قال الأخفش:ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء، أي لا تعجزوننا هرباً في الأرض ولا في السماء. قال أبو العباس: وقول الفراء أشهر في المعنى، ولو كان قال ولا أنتم لو كنتم في السّماء بمعجزين لكان جائزا)) (١١٩) فنلاحظ أن الأزهريّ لم يكتفِ بقول الفراء ما دام أظهر في المعنى بل أردفه بغيره من الأقوال الأخرى التي لا تكاد تضيف شيئاً جديداً للمعنى المعجميّ.
ج- الاحتجاج بالشعر: ويعدّ أبكر صورالاحتجاج اللغويّ، فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تساءل عن معنى قوله تعالى:{أو يأخذهم على تخوّف}(١٢٠) فقام شيخ من هذيل فقال: هذه لغتنا يا أمير المؤمنين، التخوف التنقص ...قال عمر: فهل تعرف العرب ذلك في أشعارهم؟ قال: قال شاعرنا أبو كبير الهذليّ:
تخوّف الرّحل منها تامكا قَرِدا كما تخوّف عود النبعة السّفن
فقال عمر:((أيّها الناس عليكم بديوانكم شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم)) (١٢١) .
ثمّ أخذ هذا الاتجاه صورته التطبيقيّة على يد حبر الأمة عبد الله بن عباس (ت٦٨هـ) رضي الله عنهما فيما عرف بعد بمسائل نافع بن الأزرق، وأصبح حجة فيما أشكل من غريب القرآن والحديث، حيث وصفه ابن فارس بقوله: