الحمد للَّهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيّد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين............ أما بعد؛
فما من شكٍّ في أنَّ العربَ نسبوا إلى الأمين صلَّى اللَّه عليه وسلّم أخيلةَ الشاعر وسبحاتِ الأديب حين راعى القرآن الكريم خيالَهم بصوره الحية، ومشاهده الشاخصة، وألفاظه الموحية، وفواصله الشافية، فقالوا: شاعرٌ نتربّص به ريبَ المنون، وسحرهم أسلوبُهُ المعجزُ الذي تحدّى أساطينَ البلغاء، وأمراء البيان، ومصاقعَ العلماء، وتحدّى العربَ والعجمَ على أن يأتوا بمثله، وهو جميع كلامِ الله؛ فقال لهم {أَمْ يَقُوْلُوْنَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لاَ يُؤْمِنُوْنَ* فَلْيَأْتُوْا بِحَدِيْثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوْا صَادِقِيْنَ*} [الطور:٣٣ ٣٤] ، ثم تنازل لهم عن التحدّي بجميع القرآن إلى التحدّي بعشر سور مثلِهِ، وكانت مفتريات لا أصلَ لها، ولا سندَ، فقال: {أَمْ يَقُوْلُوْنَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوْا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُوْنِ اللهِ إْنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ} [هود:١٣] ، فلما عجزوا تنازل إلى تحديهم بسورة واحدة من مثله، فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِيْ رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوْا بِسُوْرَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوْا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ} [البقرة:٢٣] ، ولكنهم عجزوا فلم يستطيعوا ولم يقاربوا وهم أمة الفصاحة والبلاغة جلجل صوتُهُ في الآفاق، وتحدّى أممَ العالَم قاطبةً جنًّا وإنسًا مُعْلِنًا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ والجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوْا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُوْنَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيْرًا} [الإسراء:٨٨] ؛ فالعربُ الفصحاءُ عرفوا أسلوبَهُ الذي يَعُلُوْ ولا يُعْلَى عليه، حتى إنَّ الوليدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute