بْنَ المغيرة وهو من أشدّ أعداء الإسلام لما سمع شيئا منه رقّ له قلبُهُ وقال:" وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ لَحَلاَوَةً وإِنَّ أَصْلَهُ لَعِذْقٌ، وإِنَّ فَرْعَهُ لَجُنَاةٌ"( [١] ) ، وذلك بسحر بيانه وروعة معانيه ودقّة ألفاظه، ومبانيه، ففكّرَ وقدَّرَ ولكنّ الحظَّ ما كان حليفَهُ، وفي ذلك قال تعالى:{إِنَّهُ فَكَّرَ وقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ* فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ}[المدثر:١٨ ٢٥] .
لا جرمَ أنّ المؤمنين عُنُوا عنايةً كبرى شملتْ نواحيَه المختلفة، وأحاطتْ بكل ما يتصل به؛ لأنه هو البيانُ المعجزُ، وباعث نهضة علمية، ورائد فكر قويم، إذ شَمَرَ الأوائلُ منهم عن سواعدهم يتعهدّونه بقراءاته، وتفسير ألفاظه وبيان أحكامه وأعقبهم آخرون غيارى، تناولوا نصَّهُ بالضبط إعجامًا وإعرابا، أن وجدوا في ألسن المسلمين المستجدّين زيغًا عن قراءته وانحرافا عن فصاحته وقد بدأ اللحن قليلاً منذ أيام الرسول عليه السلام، فقد لَحَنَ رجلٌ بحضرته عليه السلام؛ فقال:" أَرْشِدُوْا أخاكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ ضَلَّ"( [٢] ) ، والأنكى أن اللحنَ قد تسرَّبَ إلى قراءة الناس القرآنَ فقد قدم أعرابيٌّ في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه فقال: " من يُقْرِئُنِي شيئا مما أُنْزِلَ على محمد؟ فأقرأه رجلٌ سورةَ البراءة بهذا اللحن {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُوْلِهِ إَلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِىْءٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ ورسوله ... }[التوبة:٣] ، بكسر اللام في (رسولِهِ) ؛ فقال الأعرابي: