وليس من التنازع عندهم، نحو قولك:(قَعَدَ زيدٌ وتَكَلَّمَ بخيرٍ) ، ولا نحو قولك:(لقيتُ زيدًا وأكرمتُ) لتوسُّط المعمول بين العاملين خلافًا للفارسي: " ومال المرادي في شرح التسهيل إلى جواز التنازع في التوسط والتقدم"( [٣٣] ) .
الشرط الثالث: أن يكون كل واحد من العاملين موجهًا إلى المعمول من غير فساد في اللفظ أو في المعنى ( [٣٤] ) ، فلاتنازعَ في نحو قوله تعالى:{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ سَفِيْهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا}[الجن::٤] ، لاحتمال عمل (كان) في ضمير الشأن؛ فلا تكون متوجةً إلى (سفيهنا) ، ولم يشترط ذلك آخرون، فجوّزوا التنازع في المثال على تقدير عملها في ضمير الشأن، وهذا هو الأظهر ( [٣٥] ) . ولا يقع التنازع في نحو قول جرير ( [٣٦] ) :
فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ العَقِيْقُ ومَنْ به وهَيْهَاتَ خلٌّ بالعقيقِ نُوَاصِلُه
خلافًا للفارسي والجرجاني ( [٣٧] ) ؛ لأن الطالب بالمعمول وهو (العقيق) إنما هو (هيهات) الأول وأما (هيهات) الثاني فلم يؤت به للإسناد إلى العقيق، بل لمجرد التقوية والتوكيد لهيهات الأول، فلا فاعلَ له أصلاً ولهذا قال الشاعر:
فليس كل واحد من (أتاك أتاك) موجها إلى قوله (اللاحقون) إذ لو توجه كل واحد إليه لقال: أتوك أتاك اللاحقون، أو قال: أتاك أتوك اللاحقون، بل المتوجه إليه منهما هو الأول، والثاني تأكيد له ( [٣٨] ) .