وعُلِمَ مما قدّمنا " أن التنازعَ لا يقع بين حرفَيْن؛ لأن الحروف لا دلالةَ لها على الحدث حتى تطلب المعمولات وأجاز ابن العلج التنازعَ بين الحرفين مستدلاً بقوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوْا ... }[البقرة: ٢٤] ؛ فقال تنازع (إِنْ ولَمْ) في (تفعلوا) وردّ بأن (إِنْ) تطلب مثبتًا و (لَمْ) تطلب منفيًا وشرط التنازع الاتحاد في المعنى". ( [٤٨] )
" ولا يقع التنازع بين حرف وغيره من فعل واسم ومن أجاز بين حرفين أجازه بين الحرف وغيره، كما نقل ابن عمرون عن بعضهم أنه جوّز تنازع لعلّ وعسى، نحو:(لعل وعسى زيد أن يخرجَ) على إعمال الثاني، (ولعل وعسى زيدًا خارج) على إعمال الأول، وردّ بأن منصوب عسى لا يحذف". ( [٤٩] )
ولا يقع التنازع بين عاملَيْن (جامدين) ؛ لأن التنازع يقع فيه الفصل بين العامل ومعموله والجامد لا يفصل بينه وبين معموله. ( [٥٠] )
" ولا يقع التنازعُ بين جامد وغيره من فعل أو اسم متصرف وعن المبرد في كتابه المدخل إجازته في فِعْلَيْ التعجب مع جمودهما سواء كانا بلفظ الماضي أو بلفظ الأمر فالأول، نحو:(مَا أَحْسَنَ وأَجْمَلَ زيدًا)) فتعمل الثاني في الاسم الظاهر وتعمل الأول في ضميره وتحذفه؛ لأنه فضلة، والثاني، نحو:(أَحْسِنْ بِهِ وأَجْمِلْ بعمرو) فتعمل الثاني في الظاهر المجرور وتعمل الأول في ضميره المجرور ولا تحذفه". ( [٥١] )
ولا يمتنع التنازعُ في السببي المنصوب، نحو:(زيدٌ ضرب وأكرمَ أخاه)) ؛ لأن السببي وهو (أخاه) منصوب بأحد العاملَين والربط موجود بالضمير المستتر، أو بالمضاف إليه السببي، ومنع الشاطبي ( [٥٢] ) التنازع في السببي المنصوب وعلله بأنك إن أعملت الأول أو الثاني فلابد من ضمير يعود على السببي، وضمير السببي لا يتقدم عندهم عليه، قال ابن خروف:" لأنه لو تقدّم كان عوضا من اسمين مضاف ومضاف إليه وهذا مما لا سبيلَ إليه". فالوجه امتناع التنازع في السببي مطلقًا". ( [٥٣] )