للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ يَرْجِعُ التسليمَ أو يَكْشِفُ العَمَى

ولو أضمر فاعل الفعل الأول لقال: أو يكشفن، إذ الفرق بين مذهب سيبويه رحمه الله تعالى ومذهب الكسائي إنما يظهر بالتثنية والجمع، فيبرز الضمير فيهما على مذهب سيبويه رحمه الله، وأما على مذهب الكسائي فالإفراد والتثنية والجمع بمنزلة واحدة لحذف الفاعل.

إن الذي يدل على صحة مذهب سيبويه أنه قد حكى من كلام العرب: ضربوني وضربت قومك وضرباني وضربت الزيدين، وهذا لا يخرج إلا على مذهب سيبويه. وأما هذان البيتان فقد يتخرجان على أن يكون الضمير فيهما عائدًا على الجمع بلفظ المفرد، فاستتر كما يستتر في حال الإفراد، والدليل من كلام العرب على جواز عود الضمير على المثنى والمجموع على حد عوده على المفرد ما حكي من كلام العرب هو أحسنُ الفتيان وأجملُهُ وأحسن بني أبيه وأنبله ( [٨٢] ) . وقد كان ينبغي أن يقول: وأجملهم وأنبلهم، فأجري ذلك مجرى المفرد. ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِىْ الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيْكُمْ مِمَّا فِيْ بُطُوْنِهِ ... } [النحل:٦٦] ولم يقل في بطونها. ( [٨٣] )

٣ مذهب الفراء (ت:٢٠٧هـ) :

" والفراء يقول إن استوى العاملان في طلب المرفوع وكان العطف بالواو فالعمل لهما؛ لأنهما لما كان مطلوبهما واحدًا كانا كالعامل الواحد، نحو: (قَامَ وقَعَدَ أَخَوَاكَ) ف (أخواك) مرفوع عنده ب (قام وقعد) فيكون الاسم الواحد فاعلاً لفِعْلَيْنِ مختلفَيْنِ لفظًا ومعنًى". ( [٨٤] )

" وهذا فاسد لأنه قد تقرّر أن كل عامل، يحدث إعراباً، وعلى مذهب يكون العاملان لا يحدثان إلا إعرابا واحدًا. وهذا الذي قاله كسر لما اطّرد في كلام العرب من أنه لابد لكل عامل من إحداث إعراب وأيضا فالسماع يرد عليه ألا ترى قول الطُفَيْل الغَّنَوِي:

جَرَى فَوْقَهَا واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهَبِ

وَكُمْتًا مُدَمَّاةً كَأَنَّ مُتُوْنَهَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>