وأما قولهم:" القَسَم والشرط إذا اجتمعا فإن العرب تبني الجواب على الأول ... " فنقول:" إذا اجتمع طالبان فلا يخلو إما أن يكونا عاملَيْن أو ليسا كذلك، فإن لم يكونا عاملَيْن فقد يكون الأمر كما ذكرتم في اجتماع الشرط والقسم من مراعاة الأول وقد يراعي الثاني كما ذكرنا في: علمت أزيد منطلق، وأما إذا كان الاثنان عاملين فإنما تعمل العرب الثاني منهما، بدليل قولنا: إن لم يقم زيدٌ قمتُ، فإنه لما اجتمع حرف الشرط و (لم) وهما جازمان، جزمت الفعل (بلم) دون (إِنْ) بدليل وقوع جواب الشرط فعلاً ماضيًا في فصيح الكلام، ولو كان الجزم (بإن) لما وقع جواب الشرط ماضيًا وقد عمل حرف الشرط في الفعل إلا في الشعر على الأصح، فعرفنا أن العمل ل (لم) دون (إِنْ) وإذا لم يكن إعمال الثاني هنا واجبًا كما كان في اجتماع (إن ولم) فلا أقل من أن يكونَ أولى". ( [٧٧] )
إن احتاج الأول إلى مرفوع ففي المسألة ثلاثة مذاهب:
١ مذهب سيبويه (١٨٠هـ) :الإضمار قبل الذكر. ( [٧٨] )
٢ مذهب الكسائي (ت: ١٨٩هـ) : " الكسائي وهشام الضرير والسهيلي من الكوفيين يوجبون الحذف للضمير المرفوع على الفاعلية أو شبهها هربًا من الإضمار قبل الذكر وتمسكًا بظاهر قول علقمة بن عبدة يمدح الحرث ابن جبلة الغساني:
رِجَالٌ فَبَذَّتْ نَبْلَهُمْ وَكَلِيْبُ" ( [٧٩] )
تَعَفَّقَ بِالأَرْطَى لَهَا وَأَرَادَهَا
قد استشهد جماعة من النحاة منهم الكسائي وهشام من الكوفيين والسهيلي وابن مضاء من المغاربة على أنه إذا أعمل ثاني العاملَيْن في لفظ المعمول وأعمل الأول في ضميره، وجب حذف هذا الضمير ولو كان الضمير مرفوعًا، لئلا يلزم على ذكره عود الضمير على متأخر، وقد جرى في هذا البيت على هذا، فقوله (رجال) فاعل بقوله (أرادها) وحذف ضمير الرجال من (تعفق) ولو أظهره لقال (تعفقوا) وأرادها رجال". ( [٨٠] ) وكذلك قال ذو الرمة: ( [٨١] )