للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أن هذا النموذج العلمي التطبيقي لم يكن مقبولاً بدرجة كافية لدى المهتمين بتعليم اللغات الأجنبية؛ لأن تعليم اللغة وتعلمها عملية معقدة ومتداخلة، ينبغي أن ينظر إليها بوصفها وحدة متكاملة، لا ينفصل بعضها عن البعض الآخر. بل يرى بعض الباحثين أن هذا النموذج، كما هو لدى جامعة ستانفورد، لم يطبق في برامج تعليم اللغات الأجنبية على نطاق واسع ( [١٤] ) . ولعل السبب في هذا شعور اللغويين التطبيقيين بأن تعليم اللغة يختلف عن تعليم مهارة منفصلة من مهارات العلوم الطبيعية أو التصميم الهندسي أو التصنيع أو التشغيل، أو السلوك العسكري الموجه توجيهاً آلياً في كثير من الحالات.

وبناء على ذلك؛ طبق اللغويون التطبيقيون نموذجاً آخر عرف بالنموذج الانعكاسي التأملي The Reflective Model، يقوم على فكرة أن التدريس المصغر ينبغي النظر إليه بوصفه سلوكاً مهنياً معرفياً يعكس كفاية المعلم، لا سلوكاً آلياً ناتجاً عن المحاولة والخطأ وتعديل السلوك جزئياً نتيجة التغذية الراجعة والتعزيز. وقد استفاد أصحاب هذا النموذج من آراء عالم النفس الروسي فيجوتسكي Vygotsky ونظراته السلوكية الجديدة حول التدريس بوجه عام والتدريس المصغر بوجه خاص، تلك النظرات التي تربط التدريس بكل من البيئة الاجتماعية والثقافة والمعرفة. يرى فيجوتسكي أن التدريس المصغر انعكاس طبيعي للتفاعل بين العوامل التاريخية والثقافية والمعرفية لبيئة التعلم ( [١٥] ) . فالتدريس المصغر – في ضوء هذه النظرة - ليس سلوكاً آلياً ولا عملية إبداعية في جميع الأحوال والظروف، وإنما يعتمد على البيئة التي تلقى فيها المعلم ثقافته والأسلوب الذي نشأ عليه وتلقى فيه تدريبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>