ومنذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، بدأ التدريس المصغر يظهر من جديد، لكن بصورة غير الصورة السلوكية التقليدية التي كان عليها في الستينيات والسبعينيات. فقد بدأ اللغويون التطبيقيون يطبقونه من خلال الاتجاه المعرفي The Cognitive Approach؛ انطلاقاً من المقولة التي ترى أن تغيير سلوك الفرد يتطلب التأثير على تفكيره واتجاهه نحو هذا السلوك أولاً، ثم توجيهه إلى السلوك المطلوب ثانياً. وبناء على ذلك؛ فإن التدريس المصغر يمكن أن يكون وسيلة لتغيير الاتجاه نحو أساليب التعلم والتعليم، وبالتالي بناء اتجاه معين نحو أساليب التدريس.
وأياً كان الأمر، فقد طبق التدريس المصغر، منذ نشأته في الستينيات من القرن العشرين حتى الآن، في برامج تعليم اللغات الأجنبية في أنحاء مختلفة من العالم، وبخاصة في أمريكا وبريطانيا ( [١٦] ) ، كما أنه لا يزال مطبقاً في اليابان بشكل واسع ( [١٧] ) . بيد أن أوج انتشاره في الدول الغربية كان في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين؛ حيث أشارت إحدى الدراسات التي أجريت في نهاية الثمانينيات إلى أن ما يربو على ثمانين بالمائة من برامج تدريب معلمي اللغات الأجنبية في الغرب في ذلك الوقت كان يعتمد على التدريس المصغر. وكان التدريس المصغر في بداية الأمر مقصوراً على تدريب الطلاب المعلمين قبل تخرجهم، أي قبل العمل في التدريس Pre-service Training، ثم طبق في برامج تطوير مهارات المعلمين الذين هم على رأس العمل In-service Training، بعد أن تبين أن له فوائد في التدريب على مهارات جديدة، وتطوير المهارات السابقة ( [١٨] ) .