وفي ضوء ما سبق، فقد استقر مصطلح الغموض بتسمياته المختلفة عند عبد القاهر الجرجاني، وأصبح يجسد المستوى الفني للعمل الابداعي، بوصفه جوهر الشعر وأساسه.
كما ارتبط الغموض عند السلجماسي (ت القرن ٨هـ) بتسميات مختلفة تجسد الجوانب الأسلوبية التي يستند النص الابداعي إليها، وتجعل من النص الابداعي نصاً إبداعيا، مثل: الكناية والإشارة والغرابة وغيرها (١٦) ، وعلاقة ذلك بالمتلقي، من حيث خلق اللذة والدهشة عنده على المستويين الحسي والعقلي.
وأما حضور مصطلح الغموض في النقد المعاصر، فيرجع الفضل فيه إلى الناقد والشاعر الإنجليزي وليام امبسون (William Empson – ١٩٠٦) في كتابه المعروف سبعة أنماط من الغموض (Seven Types of Ambiguity) الذي نشره عام ١٩٣٠م، حيث عرّف الغموض بقوله: كل ما يسمح لعدد من ردود الفعل الاختيارية إزاء قطعة لغوية واحدة" (١٧) . وبناء على ذلك، فقد حدد أنماط الغموض في سبعة أنواع هي (١٨) :
١. النوع الأول من الغموض يحدث عندما يتجسد في النص عدداً من التفاصيل التي تتحدث عن دلالات متعددة في الوقت نفسه، ويتمثل ذلك في الاستعارة البعيدة أو الإيقاع أو الوزن.
٢. النوع الثاني يتمثل في وجود تركيب نحوي في النص يسمح بتعدد التأويلات.
٣. النوع الثالث، يحدث في النص عندما يتوفر فيه عدد من المفردات أو التراكيب ذات الدلالات المشتركة.
٤. النوع الرابع يتمثل في عدد من التراكيب ذات المعاني المتبادلة التي تجسد نوعاً من التعقيد في تفكير المؤلف.
٥. النوع الخامس، يحدث عندما تظهر في لغة المؤلف جمل وعبارات متداخلة، تظهر عدم قدرة المؤلف على تحديد مراده.
٦. النوع السادس، يحدث عندما تظهر في لغة المؤلف عدة تراكيب ذات معاني متناقضة.
٧. النوع السابع، يتمثل في نوع من التعارض أو التناقض التام الذي يقع أحياناً في لغة المؤلف مما يعكس نوعاً من التشتيت الذهني.