وقد ربط صاحب المنزع البديع هذه الأنماط الأسلوبية المتجسدة في الإشارة وضروبها بالتجاوز، وهو الخروج على المألوف، وذلك من خلال تجسيد هذه الأنماط الأسلوبية في النص الابداعي، حيث يتجاوز النص من خلالها الوصف اللغوي، والحقيقة اللغوية إلى المستوى الفني الذي هو أساس الصناعة الشعرية وجوهرها. وقد عد بذلك السجلماسي "التتبيع" نمطاً من أنماط الإشارة، حيث ينطلق مفهوم التتبيع إلى ما يمكن تسميته بالمعنى الثاني أو المستوى الفني للعمل الابدعي. يقول:"والتتبيع هو المدعو الإرداف، والمدعو عند قوم التجاوز. وقول جوهره وحقيقته هو اقتضاب في الدلالة على الشيء بلازم من لوازمه في الوجود، وتابع من توابعه في الصنعة. وقال قوم: هو أن يريد الدلالة على ذات المعنى فلا يأتي باللفظ الدال على ذلك المعنى لكن بلفظ هو تابع وردف. وقال قوم: هو أن يريد ذكر الشيء فيتجاوزه ويذكر ما يتبعه في الصفة وينوب عنه في الدلالة. ومن صوره قوله:
نؤؤم الضحى لم تنطبق عن تفضل
ويضحي فتيت المسك فوق فراشها
فإنما أراد أن يصفها بالترف والنعمة وقلة الامتهان في الخدمة، وأنها شريفة مكيفة المؤونة، فجاء بما يتبع ذلك وعبر عن الشيء بلازمه" (٣٧) .