الشاهد: بطنكم: والمقصود بطونكم، والعرب تقول: لهم عقل وبصر. قال تعالى:" ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم "(١٠٤) قال أبو عبيدة (١٠٥) : ولم يقل: بأسماعهم وأبصارهم، ومثله " لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء "(١٠٦) ولم يقل " طروفهم " وقوله: " فإن طبن لكم عن شىء منه نفساً "(١٠٧) ولم يقل نفوساً، وما أشبهها من القرآن الكريم.
وقد استشهد سيبويه (١٠٨) بهذا البيت على استعمال الواحد في معنى الجمع. يريد الشاعر بعض بطونكم؛ لأنه يريد بطن كل واحد منهم، وروايته فيه: بعض بدل نصف.
وقد أجاز المبرد (١٠٩) ، في الشعر، أن تفرد، وأنت تريد الجماعة إذا كان في الكلام دليل على الجمع، ثم استشهد على كلامه بهذا البيت. وقد حكى الفراء (١١٠) في قراءة قوله تعالى " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليهايظهرون "(١١١) : أن سقفاً جمع سقيفة؛ فأما من قرأ " لبيوتهم سقفاً من فضة " فتأولها إسماعيل ابن إسحق على أن " من " لواحد، قال: والمعنى: لجعلنا لكل من كفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة، إلا أن الفراء (١١٢) استبعد هذه القراءة، وحكى أن هذا متناول بعيد، واستدل على أن القراءة بالجمع أولى؛ لأن بعده ومعارج وسرراً وأبواباً فكذا سقف بالجمع أولى.
وقد رد عليه أبو جعفر النحاس (١١٣) ، ورأى أن الذي تأوله بعيد، وأولى منه أن يكون " ُسقُف " بمعنى " سَقف "" كما قال عز وجل " ... ثم نخرجكم طفلاً " (١١٤) ، وكما قال الشاعر، ثم ذكر البيت.
ولم أعثر بقائل هذا البيت، وجاء في خزانة البغدادي (١١٥) أن البيت من الأبيات الخمسين في كتاب سيبويه التي لا يعرف لها قائل.