للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت المكاتبة والاستكتاب من الوسائل المهمة التي نهجها ابن الفرضي في جمع مادته العلمية، ذلك أنه وبالرغم من كثرة المصادر المكتوبة التي اعتمد عليها فإنه لم يجد فيها كل ما يريد من معلومات وأخبار، كما أنه لم يستطع الإحاطة بكل ما حوله، أو استيعابه، بل حتى تصور بعض الجزئيات لاسيما وأن موضوعه متشعب إذ هو متعلق بجزئيات دقيقة من سير مئات الأفراد الذين ربما كان بعضهم في عداد المجاهيل، ولهذه الأسباب وغيرها نهج ابن الفرضي أسلوباً آخر في جمع مادته العلمية وهو المكاتبة والاستكتاب، حرصاً منه على الحصول على بعض الجزئيات التي لم يتمكن من الوصول إليها عبر المصادر المكتوبة، أو المسموعة، أو المشاهدة.

ومن خلال استقرائنا لما خلفه ابن الفرضي يتبين لنا أنه كانت له أساليبه، وطرقه المتعددة في الحصول على مادته العلمية عبر هذا النوع من المصادر، ومن أهمها ما يلي:

أنه كان يرسل كتباً متضمنة بعض الأسئلة والاستفسارات حول قضية معينة إلى أشخاص بعيدين عنه فيأتيه الرد مكتوباً متضمناً الجواب على سؤاله أو أسئلته، ومن ذلك قوله حينما تحدث عن الحكم بن إبراهيم بن محمد بن عابس المرادي حيث قال: (كتب إليّ يخبرني أن مولده سنة اثنتي عشرة، وأنه سمع بسرقسطة من أيوب بن معاوية، ومحمد ابن عبد الرحمن الزيادي بوشقة من عبد الله بن الحسن بن السندي ...) (١) . وكذلك قوله: (وكتب إلي بخط يده - يعني عبد الرحمن التجيبي - يذكر أنه ولد يوم السبت للنصف من شهر ربيع الأول سنة ثلاثمائة) (٢) ، ومن ذلك قوله: (وأخبرنا الحسن بن إسماعيل، وكتب لي بخطه قال: نا عمر بن الربيع بن سلمان قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: أنشدني طالب بن عصمة الأندلسي يمدح مالك بن أنس:

إمام الورى في الهدى والسمت مالك

وفي الفقه والآثار ما إن يُداركُ

فآراؤه في الفقه يسطع نورها


(١) المصدر السابق ترجمة ٣٧٤.
(٢) المصدر السابق ترجمة ٨١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>