للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ينبغي أن يشار إليه أن الكتاب اقتصر على جمع التوقيعات من مصادرها المختلفة دون أن يشفع ذلك بدراسة أدبية عنها. ولسنا نطالب المؤلف بذلك ما دام قد اقتصر في منهجه على الجمع فقط. ولكن يُعَد ما عمله رائدًا في ميدانه؛ فقد أصبح الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين والدارسين وأساتذة الأدب في الجامعات.

التوقيع في اللغة:

يطلق التوقيع في اللغة على عدة معان، حقيقية وأخرى مجازية، حسية ومعنوية. ذكرتها معجمات اللغة، كالصحاح، والأساس، واللسان، والقاموس، والتاج.

فالواو والقاف والعين أصل واحد يرجع إليه فروعه وما يشتق منه، ويدل في عمومه على سقوط شيء ( [٤٠] ) على التحقيق أو التقريب.

ولكنّ المعاني التي ذكرتها كتب اللغة للفظة التوقيع لا تهمنا في هذا المجال، وإنما يهمنا المعنى اللغوي الذي نجد له ارتباطًا بالتعريف الاصطلاحي للتوقيعات، وبعبارة أخرى المعنى اللغوي الذي اشتقت منه التوقيعات بعدها فنًا أدبيًا.

التوقيعات مشتقة في اللغة من التوقيع الذي هو بمعنى التأثير، يقال: وقَّعَ الدَّبرُ ( [٤١] ) ظهرَ البعير إذا أثر فيه، وكذلك الموقِّع (كاتب التوقيع) يؤثر في الخطاب، أو الكتاب الذي كتب فيه حسّا أو معنى ( [٤٢] ) .

وقيل: إن التوقيع مشتقٌ من الوقوع؛ لأنه سبب في وقوع الأمر الذي تضمنه، أو لأنه إيقاع الشيء المكتوب في الخطاب أو الطلب، فتوقيع كذا بمعنى إيقاعه ( [٤٣] ) .

قال الخليل ( [٤٤] ) :» التوقيع في الكتاب إلحاقٌ فيه بعد الفراغ منه. واشتقاقه من قولهم: وقّعْتُ الحديدة بالميقعة، وهي المطرقة: إذا ضربتها، وحمار موقَّع الظهر: إذا أصابته في ظهره دَبَرَةٌ. والوقيعة: نُقْرَةٌ في صخرة يجتمع فيها الماء، وجمعها: وقائع. قال ذو الرمة:

ونلْنَا سِقَاطًا من حديثٍ كأنَّهُ جَنىَ النحلِ ممزوجًا بماءِ الوقائعِ ( [٤٥] )

فكأنه سُمِّى توقيعًا؛ لأنه تأثير في الكتاب، أو لأنه سببُ وقوع الأمر وإنفاذه، من قولهم: أوقعت الأمر فوقع ( [٤٦] ) «.

<<  <  ج: ص:  >  >>