تطوَّر مفهوم التوقيعات في العصر العباسي، واكتسب معنى أدبيًا، فأصبحت تطلقُ على تلك الأقوال البليغة الموجزة المعبرة التي يكتبها المسؤول في الدولة، أو يأمر بكتابتها على ما يرفع إليه من قضايا أو شكايات، متضمنة ما ينبغي اتخاذه من إجراء نحو كل قضية أو مشكلة، وهي بهذا المفهوم أشبه ما تكون بتوجيه المعاملات الرسمية في الوقت الحاضر.
وفي العصور الوسطى أضيف إلى التوقيعات دلالة جديدة مع بقاء دلالتها الأدبية السائدة في العصر العباسيّ، حيث أصبحت تطلق على الأوامر والمراسيم التي يصدرها السلطان أو الملك؛ لتعيين والٍ، أو أمير، أو وزير، أو قاضٍ، أو حتى مدرس، وامتازت بطولها، والإسهاب في ذكر الحيثيات والأسباب المسوغة للتعيين؛ حتى تجاوز بعضها أربع صفحات، وقد أورد القلقشندي في صبح الأعشى نماذج كثيرة منها ( [٥١] ) ، ولا يتسع المجال لذكر شيء منها.
والتوقيعات بهذا المفهوم لا تُعَدُّ توقيعات أدبية لافتقادها عنصري البلاغة والإيجاز، ولا تدخل ضمن هذا البحث، وعَدُّها من باب الكتابة الديوانية والنثر التاريخي أولى وأصح.
ثم تحول معناها بعد ذلك إلى علامة اسم السلطان خاصة التي تذيل بها الأوامر والمراسيم والصكوك كالإمضاء عندنا ( [٥٢] ) ، ثم توسع في معناها فأصبحت تدل على تأشيرة الاسم، وهي كتابته بتلك الهيئة الخاصة التي تقابل في الإنجليزية لفظة (Signature) .
أنواع التوقيعات الأدبية:
بعد أن تحدثنا عن التطور الدلالي للفظة (التوقيع) ، يحسن أن نتحدث بإيجاز عن أنواع التوقيعات الأدبية، التي نلاحظ – من خلال استقرائها وتتبعها في كتب الأدب والتراث - أنها لا تخرج عن الأنواع التالية:
١ - قد يكون التوقيع آيةً قرآنيةً تناسب الموضوع الذي تضمنه الطلب، أو اشتملت عليه القضية.