وهذه الورقة معنيّة بالبحث في “ المثاقفة ” بين الثقافة العربيّة والثقافة الغربيّة مع التركيز على المثاقفة النقديّة عبر تحوّلاتها العديدة وتقديم “ المنهج النفسي ” في النقد الأدبي أنموذجاً لهذه المثاقفة.
وقد عرضت الورقة لماهية الثقافة، وأبرزت حرص ديننا الإسلامي على البحث عن الحكمة، ودعوته للمثاقفة الراشدة. وعرّفت المثاقفة، مع سرد موجز لتاريخ المثاقفة في الثقافة العربيّة، مع الثقافات الأخرى ابتداءً بحركة الترجمة على يدي خالد بن يزيد بن معاوية في القرن الهجري الأول، ومروراً بمرحلة الازدهار على يدي الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد. ثمّ بما حدّث بعد ذلك في حالات الشقاق السياسي والدويلات المتناحرة في القرن الرابع، وأوضحت طبيعة تلك المثاقفة، وما تركته من آثار في تراثنا الثقافي.
وكشفت عمّا آل إليه المشهد الثقافي في “ مثاقفتنا الجديدة ” مع الغرب عقب دخول الحملة الفرنسيّة إلى مصر عام ١٧٩٨ م، وكيف انقسم الواقع الثقافي إلى فئتين متنابذتين؟ ، وكيف غذّى الوسط الاجتماعي هذا الانقسام، وساعد على نشوء كثير من تشوهاته؟ .
وحين عرضت “ للمثاقفة ” النقديّة المعاصرة مع الغرب منذ منتصف القرن العشرين الميلادي، باعتبارها شريحة تكشف طبيعة مثاقفتنا مع الغرب كشفت على وجه الإجمال عن تحوّلات المناهج النقدية ابتداءً بمناهج الحتمية العلميّة، وانتهاء بمناهج النقد النسائي والنقد الثقافي، وأبرزت تحيّز هذه المناهج إلى سياقها الفكري والتاريخي، وما حدث من اضطراب وخلط في تطبيق تلك المناهج على أدب مغاير له سياقه الفكري والتاريخي المغاير، مع الإشارة إلى ما حققته تلك المناهج من كشوفات في تفتيق النّص وإن أساءت إلى روح الثقافة العربيّة، ورصيدها الحضاري، بحسب تعبير بعض النقّاد