وحين يولي اللاوعي قيمة في تفسير النص الأدبي، يصبح مسرحاً للرموز الجنسية يقول إريك إندرسون:((وفي سبر ما هو جنسي تعوّد نقاد الأدب المتخصصون في التحليل النفسي أن يغتصبوا نزاهة الأعمال الفنية)) ( [١٩٠] ) .
ويقول آرنولدهوسر:((أما عن دراسة الآثار الفنية بوصفها مطايا للرموز الجنسية فقد كانت باديء ذي بدء، من بين الفروع المحببة لأبحاث نظرية التحليل النفسي، لقد كانت هذه مهمة مجزية حقاً، يسهل أداؤها بطريقة آلية إن في قليل أو كثير، وليس من حد - فيما يظن - لتأملاتها الجسورة، ونتائجها المذهلة،.. وألف الناس في النهاية بل ضاقوا بذاك الزعم القائل بأن أي موضوع قد يكون رمزاً لأعضاء التناسل، وأن من الممكن أن نربط بين العلاقات الإنسانية جميعها تقريباً وبين موقف أوديب. وأن الفن يكتظ بصور الأمهات. وأن الأبطال ما كانوا يخشون شيئاً خشيتهم من الخصاء)) ( [١٩١] ) .
لقد أصبحت كل دلالة رمزية في النص تصب في بنية فكرية واحدة تحرك النص هي بنية الجنس، وهذا التفكير الأعوج، والمنطق المضلل يغفل قيماً إنسانية جليلة القدر في الأدب؛ لأن المحلل النفسي يحاكم النص بمقتضى تصور مسبق، فهو يبحث عن دليل يعزز ذلك التصور، فذهب كثير من الباحثين انطلاقاً من هذا التصور إلى إيجاد دلالات غامضة لما هو غاية في المباشرة ( [١٩٢] ) ، وحين يستعصي ربط النص على هؤلاء بمنتجه، فتنعدم أو تتلاشى صورته فيه يرمى النص بالضعف، وعدم المصداقية ( [١٩٣] ) .
لقد حلل العقاد شخصية أبي نواس على أساس من نرجسيته، ونظر إليها النويهي في ضوء شذوذه الجنسي، ولاسيما في ولعه بالخمرة، التي كانت عنده تمثل شعوراً جنسياً، ورغبة كرغبة الولد في أمه ( [١٩٤] ) ، لكن هذا التفسير مع نشازه، لا يقدم لنا قيمة فنية لهذا الشعر تجعله رؤية خاصة، وشعوراً مميزاً بالأشياء لا نجده إلا عند أبي نواس.