وأما آية المباهلة [عمران ٦١] فليست أيضاً من خصائصه - رضي الله عنه - بل قد دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين كما رواه مسلم ( [١١٨] ) ، ودعوتهم لم تكن لأنهم أفضل أمته بل لأنهم أخص أهل بيته. كما روى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدى زكاة علي وفاطمة والحسن والحسين وقال:((اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) ( [١١٩] ) فدعا لهم دعوة خصهم بها.
ولما كانت المباهلة بالنساء والأبناء والأنفس ودعا هؤلاء، ولفظ الأنفس يعبّر بها عن النوع الواحد كما قال تعالى:{لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنت بأنفسهم خيرا}[النور ١٢] يعني عامة وقال تعالى: {فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم}[البقرة ٥٤] أي يقتل بعضكم بعضا.
وهذا مثل قوله:((أنت مني وأنا منك)) ليس المراد أنه من ذاته، ولا ريب أن أعظم الناس قدرا من الأقارب هو علي - رضي الله عنه - فله مزية القرابة والإيمان ما لا يوجد [٦/أ] لبقيّة القرابة والصحابة فدخل بذلك في المباهلة، وذلك لا يمنع أن يكون في غير الأقارب من هو أفضل منه؛ لأن المباهلة وقعت بالأقارب، فلهذا لم يباهل بأبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - ونحوهم.
وأما قوله تعالى:{هذان خصمانِ اختصموا في ربهم}[الحج ١٩] ففي الصحيح عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنها نزلت في المختصمين يوم بدر، وأول من برز من المؤمنين علي وحمزة وعبيدة بن الحارث - رضي الله عنهم - برزوا لعتبة وشيبة والوليد بن عتبة ( [١٢٠] ) .
وهذه فضيلة مشتركة أيضاً بين علي وحمزة وعبيدة بن الحارث، بل سائر البدريين يشاركونهم في هذه الخصومة، ولو قدر أنها نزلت في الستة ( [١٢١] ) المبارزين ( [١٢٢] ) فلا يدل على أنهم أفضل من غيرهم، بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والحسن والحسين وأبا بكر ( [١٢٣] ) وعمر وعثمان [وغيرهم]( [١٢٤] ) ممن هو أفضل من عُبيدة ابن الحارث باتفاق أهل السنة ( [١٢٥] ) .