فهذه منقبة لهم وفضيلة، وليست من الخصائص التي توجب كون صاحبها أفضل من غيره.
وأما سورة {هل أتى}( [١٢٦] ) وقول من يقول: إنها نزلت لما تصدقوا على مسكين ويتيم وأسير، ويذكرون أن ذلك كان لما تصدقت فاطمة - رضي الله عنها - بقوت الحسن [٦/ب] والحسين. وهذا كذب؛ لأن سورة {هل أتى} مكية بالإجماع، والحسنين إنما ولدا بالمدينة بعد غزوة بدر باتفاق أهل العلم، وبتقدير صحتها ( [١٢٧] ) فليس هذا ما يدل على أن من أطعم مسكينا ويتيما وأسيرا كان أفضل الأمة وأفضل الصحابة، بل الآية عامة مشتركة بين كل من فعل هذا الفعل، وهي تدل على استحقاقه لثواب الله تعالى على هذا العمل وغيره من الأعمال كالإيمان بالله والصلاة في مواقيتها والجهاد في سبيل الله تعالى أفضل من هذا العمل بالإجماع ( [١٢٨] ) .
وهذا جواب هذه المسائل والله تعالى أعلم.
واعلم أن كل ما يظن أن فيه دلالة على فضيلة غير أبي بكر ( [١٢٩] ) إما أن يكون كذبا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإما أن يكون لفظا محتملا لا دلالة فيه، وأما النصوص المفصلة [لأبي بكر]( [١٣٠] ) فصريحة ( [١٣١] ) مع دلائل أخرى من القرآن والإجماع والاعتبار والاستدلال والله أعلم.
[سبب تسمية الرافضة]( [١٣٢] )
وإنما سموا رافضة لأنهم رفضوا أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - ولم يرفضهما أحد من أهل الأهواء غيرهم، والشيعة دونهم وهم الذين يفضلون عليا ( [١٣٣] ) على عثمان - رضي الله عنهما - ويتولون أبا بكر وعمر، فأما الرافضة فلها غلو شديد في علي ذهب فيه ( [١٣٤] ) بعضهم مذهب النصارى في المسيح وهم السبابة ( [١٣٥] ) أصحاب عبد الله بن سبأ ( [١٣٦] ) ، وفيهم يقول الحميري:
قوم غلو في علي [٧/أ] لا أبا لهم وأجشموا أنفساً في حبه تعبا
قالوا هو الله جل الله خالقنا من أن يكون ابن شيئاً أو يكون أبا
وقد أحرقهم عليّ - رضي الله عنه - بالنار ( [١٣٧] ) .