للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن رجب: ((وأما الاستعانة بالله (دون غيره من الخلق؛ فلأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه، ودفع مضاره، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا لله (، فمن أعانه الله فهو المعان...، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات)) (١) .

قوله (: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) . المراد أن كل ما يصيب الإنسان في دنياه، مما يضره أو ينفعه، فهو مقدر عليه، فلا يصيب الإنسان إلا ما كتب له من ذلك في الكتاب السابق، ولو اجتهد على ذلك الخلق كلهم جميعاً.

فالرسول (يخبر في هذا الحديث أن الأمة لو اجتمعت كلها على نفع أحد لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، وإذا وقع منهم نفع له فهو من الله تعالى؛ لأنه هو الذي كتبه، وكذلك لو اجتمعوا على أن يضروا أحداً بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه (٢) .

ولهذا جاء في الحديث: (إن لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه) (٣) .

قوله: (رفعت الأقلام وجفت الصحف) هذا إخبار من الرسول (عن تقدّم كتابة المقادير، وأن ما كتبه الله فقد انتهى ورفع، والصحف جفّت من المداد، ولم يبق مراجعة، فما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك (٤) .


(١) ... جامع العلوم والحكم ص ٢٥٧.
(٢) انظر جامع العلوم والحكم ص ٢٥٨، وشرح رياض الصالحين ٢/ ٤٥٤.
(٣) ... رواه الإمام أحمد في مسنده ٦/ ٤٤١، وابن أبي عاصم في السنة ح ٢٤٦. وصححه الألباني، انظر صحيح الجامع الصغير ح ٢١٥٠.
(٤) ... انظر شرح رياض الصالحين ٢/ ٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>