للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله (: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) يعني أن ما أصاب العبد من المصائب المؤلمة المكتوبة عليه، إذا صبر عليها نصره الله، وجعل في صبره خيراً كثيراً.

يقول صاحب شرح رياض الصالحين في شرح هذا الحديث: ((يعني اعلم علم اليقين أن النصر مع الصبر، فإذا صبرت، وفعلت ما أمرك الله به من وسائل النصر؛ فإن الله تعالى ينصرك.

والصبر هنا يشمل الصبر على طاعة الله، وعن معصيته، وعلى أقداره المؤلمة)) (١) .

قوله: (وأن الفرج مع الكرب) أي كلما اشتدت الأمور واكتربت وضاقت؛ فإن الفرج من الله قريب، يقول ابن حجر الهيتمي: (... (وأن الفرج) يحصل سريعاً (مع الكرب) فلا دوام للكرب، وحينئذ فيحسن لمن نزل به أن يكون صابراً، محتسباً، راجياً سرعة الفرج مما نزل به، حسن الظن بمولاه في جميع أموره، فالله (أرحم به من كل راحم، حتى أمه وأبيه، فهو (أرحم الراحمين)) (٢) .

وقوله: (وأن مع العسر يسراً) أي أن كل عسر فإن بعده يسراً، بل إن العسر محفوف بيُسرَيْن، يُسر سابق، ويُسر لاحق، لقوله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ((٣) . فالعسر لا يدوم لمن احتسب وصبر، وعلم أن ما أصابه بمقدور الله تعالى، وأنه لا مفر له من ذلك، واستقام كما أمر ربه؛ إخلاصاً وحسن اتباع (٤) .

المبحث الأول

في قوله (: (يا غلام: إني أعلمك كلمات)

مما يؤخذ من هذا الجزء في حديث الرسول (الأمور التالية:

وجوب تعليم الناس العقيدة الصحيحة، وتربيتهم عليها، وعل العلم النافع، ويكون ذلك بأسلوب مختصر، وكلم جامع واضح، فلو تأملت هذا الحديث لوجدته جامعاً لمسائل عقدية كثيرة بأسلوب موجز.


(١) المصدر السابق ٢/ ٤٥٥.
(٢) ... فتح المبين لشرح الأربعين ص ١٧٧.
(٣) ... سورة الشرح، الآيتان ٥،٦.
(٤) ... انظر قواعد وفوائد من الأربعين النووية ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>