للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاف ذلك، من كفر بأنعم الله تعالى وضيّع حدوده، فقد عرّض نفسه للهلاك، يقول تعالى: (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ((١) . قال الشنقيطي (ت ١٣٩٣هـ) بعد تفسيره هذه الآية: ((وعلى كل حال، فيجب على كل عاقل أن يعتبر بهذا المثل، وألا يقابل نعم الله بالكفر والطغيان؛ لئلا يحل به ما حل بهذه القرية المذكورة، ولكن الأمثال لا يعقلها عن الله إلا من أعطاه الله علماً؛ لقوله (: (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُون ((٢)) ) (٣) .

((ومن حفظ الله في صباه وقوته حفظه لله في حال كبره، وضعف قوته، ومتعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله)) (٤) .

ذكر ابن كثير (ت ٧٧٤هـ) أن أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري الشافعي (ت ٤٥٠هـ) ، قد جاوز المائة سنة وهو ممتع بقوته وعقله، فوثب يوماً وثبة شديدة، فعوتب في ذلك فقال: ((هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر)) (٥) .

وعكس هذا أن بعض السلف رأى شيخاً يسأل الناس، فقال بأن هذا الشيخ لم يحفظ الله في صغره، فلم يحفظه الله في كبره ((٦)


(١) ... سورة النحل، الآيتان ١١٢، ١١٣.
(٢) ... سورة العنكبوت، الآية ٤٣.
(٣) ... أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ٣/٣٧٧.
(٤) ... انظر جامع العلوم والحكم، ص ٤٦٦.
(٥) ... انظر البداية والنهاية ١٢/٨٥، وسير أعلام النبلاء ١٧/٦٦٨ – ٦٧١، وجامع العلوم والحكم، ص ٤٦٦.
(٦) ... انظر جامع العلوم والحكم، ص ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>