للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يحفظ الله العبد بصلاحه بعد موته، في ذريته، بدليل قوله تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّك ((١) .

قال ابن كثير: ((وقوله: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا، والآخرة بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم)) (٢) .

وروي عن ابن عباس أنه قال: ((حفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر لهما صلاحاً)) (٣) .

وقال السعدي في تفسير الآية السابقة: ((أي: حالهما تقتضي الرأفة بهما ورحمتهما؛ لكونهما صغيرين عدما أباهما، وحفظهما الله أيضاً بصلاح والدهما)) (٤) .

وذكر ابن رجب أن سعيد بن المسيب قال لابنه: ((لأزيدن في صلاتي من أجلك؛ رجاء أن أُحفظ فيك)) (٥) ثم تلا هذه الآية (وكان أبوهما صالحاً (.

ونقل عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: ((ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه)) (٦) .

وقال أبو نعيم (ت٤٣٠هـ) بأن ابن المنكدر (ت١٣٠هـ) قال: ((إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده، وولد ولده، والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر)) (٧) .


(١) ... سورة الكهف، الآية ٨٢.
(٢) ... تفسير القرآن العظيم ٣/ ٩٧.
(٣) ... انظر المصدر السابق، وذكر هذا الأثر ابن المبارك في الزهد (٣٣٢) ، والطبري في جامع البيان في تفسير القرآن ١٦/ ٧، والحاكم ٢/ ٣٦٩
(٤) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص ٤٣٢.
(٥) ... جامع العلوم والحكم، ص ٤٦٧.
(٦) ... المصدر السابق، الصفحة نفسها.
(٧) الحلية ٣/ ١٤٨، ورواه ابن المبارك في الزهد (٣٣٠) ، والحميدي (٣٧٣) ، وانظر جامع العلوم والحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>