للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في الحديث أن النبي (قال: (كانت امرأة في بيت فخرجت في سرية من المسلمين، وتركت ثنتي عشرة عنزاً، وصيصيتها (١) كانت تنسج بها، قال: ففقدت عنزاً لها وصيصيتها، فقالت: يا رب، إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه، وإني قد فقدت عنزاً من غنمي وصيصيتي، وإني أنشدك عنزي وصيصيتي) قال: وجعل رسول الله (يذكر شدّة مناشدتها ربها تبارك وتعالى، ثم قال رسول الله (: (فأصبحت عنزها ومثلها، وصيصيتها ومثلها) (٢) .

ومن حفظ الله تعالى لعبده الحافظ لحدود الله أن يجعل الحيوانات المؤذية، حافظة له من الأذى، كما حدث لسفينة مولى النبي (، حيث كسر به المركب، وخرج إلى جزيرة، فرأى أسداً، فجعل يمشي معه حتى دله على الطريق، فلما أوقفه عليها جعل يهمهم كأنه يودعه، ثم رجع عنه (٣) .

ومن ضيع حدود الله واتبع الشبهات أو غرق في الشهوات، ولم يحفظ الله، لم يحفظه الله، وكان عرضة لعقاب الله وسخطه، ودخل عليه الضرر والأذى، وربما أصابه ذلك ممن كان يرجو نفعه من أهله وماله، كما نقل عن الفضيل بن عياض (ت ١٨٧ هـ) أنه قال: ((إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابتي)) (٤) .

المبحث الرابع

في قوله (: (احفظ الله تجده تجاهك)

وفي الرواية الأخرى: (احفظ الله تجده أمامك)


(١) الصيصية: هي الصنّارة التي يغزل بها وينسج. انظر لسان العرب ٢/ ٥٠١، والنهاية في غريب الحديث والأثر ص٥٣٣.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند ٥/ ٦٧، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٥/ ٢٧٧ وقال: رجاله رجال الصحيح.
(٣) رواه الطبراني في الكبير (٦٤٣٢) ، وصححه الحاكم ٣/ ٦٠٦، وانظر الحلية ١/ ٣٦٩.
(٤) حلية الأولياء ٨/ ١٠٩، وجامع العلوم والحكم ص ٤٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>