للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل القول الأول أصح للحديث الصريح الصحيح السابق الذي يدل على أن العرش مخلوق قبل تقدير الله مقادير الخلق، أما قوله (: (أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب) فإن معناه: عند أول خلقه قال له اكتب، ويدل عليه لفظ: (أول ما خلق الله القلم قال له اكتب) ، بنصب (أولَ) و (القلمَ) ، وحملت رواية الرفع (أولُ) و (القلمُ) على أن القلم أول المخلوقات من هذا العالم، فيتفق الحديثان؛ إذ حديث القول الأول يدل على أن العرش سابق على التقدير، وحديث القول الثاني يدل على أن التقدير مقارن لخلق القلم (١) .

وقد رجح القول الأول ابن تيمية، وذكر أنه مذهب ((كثير في السلف والخلف)) (٢) .

هذا وقد رجح بعض أهل العلم أن القلم أول مخلوق، واستدل برواية: (إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم، وأمره أن يكتب كل شيء يكون) (٣) ، قال الألباني: ((وفيه رد على من يقول بأن العرش هو أول مخلوق، ولا نص في ذلك عن رسول الله (...، فالأخذ بهذا الحديث – وفي معناه أحاديث أخرى – أولى؛ لأنه نص في المسألة، ولا اجتهاد في مورد النص، كما هو معلوم، وتأويله بأن القلم مخلوق بعد العرش باطل؛ لأنه يصح مثل هذا التأويل لو كان هناك نص قاطع على أن العرش أول المخلوقات كلها، ومنها القلم، أما ومثل هذا النص مفقود، فلا يجوز هذا التأويل)) (٤) .

والإيمان باللوح والقلم هو من الإيمان بالقضاء والقدر، ولهذا يذكرهما هل العلم ضمن الإيمان بالمرتبة الثانية من مراتب الإيمان بالقدر، وهي مرتبة الإيمان بكتابة المقادير، ويدخل في هذه المرتبة خمسة من التقادير هي:


(١) انظر شرح العقيدة الطحاوية ص ٣٤٥.
(٢) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ٢/٢٧٥ و ١٦/١٣٩، ومنهاج السنة النبوية ١/٣٦١، ٣٦٢.
(٣) رواه ابن أبي عاصم في السنة، ح ١٠٨، والبيهقي في السنن الكبرى ٩/٣، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ١/٢٥٧ ح ١٣٣.
(٤) سلسلة الأحاديث الصحيحة ١/٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>