للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي موضع آخر ذكر ابن القيم أن الناس تنازعوا في الرضا بالقضاء ((هل هو واجب أو مستحب؟ على قولين، وهما وجهان لأصحاب أحمد، فمنهم من أوجبه واحتج على وجوبه بأنه من لوازم الرضا بالله رباً، وذلك واجب ...، ومنهم من قال هو مستحب غير واجب؛ فإن الإيجاب يستلزم دليلاً شرعياً، ولا دليل يدل على الوجوب، وهذا القول أرجح؛ فإن الرضا من مقامات الإحسان، التي هي من أعلى المندوبات)) (١) ، ولعل مراده هنا الرضا بالمصائب من حيث وقوعها على العبد، بدليل قوله بعد ذلك: ((الحكم والقضاء نوعان: ديني وكوني، فالديني يجب الرضا به، وهو من لوازم الإسلام، والكوني منه ما يجب الرضا به كالنعم، التي يجب شكرها، ومن تمام شكرها: الرضا بها، ومنه ما لا يجوز الرضا به كالمعايب والذنوب التي يسخطها الله، وإن كانت بقضائه وقدره، ومنه ما يستحب الرضا به كالمصائب، وفي وجوبه قولان، هذا كله في الرضاء بالقضاء الذي هو المقضي، وأما القضاء الذي هو وصفه سبحانه وفعله، كعلمه وكتابته وتقديره ومشيئته فالرضا به من تمام الرضا بالله رباً وإلهاً ومالكاً ومدبراً)) (٢)

المبحث الحادي عشر

في قوله (: (واعلم أن الفرج مع الكرب)

كلما اشتدت الأمور واكتربت وضاقت؛ فإن الفرج بإذن الله تعالى قريب؛ يدل على ذلك قوله تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ((٣) . ((فكلما اشتدت الأمور فانتظر الفرج من الله ()) (٤) .


(١) انظر شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ص ٢٧٨.
(٢) المصدر السابق، الصفحة نفسها.
(٣) سورة النمل،آية ٦٢.
(٤) انظر شرح رياض الصالحين ٢/٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>