للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول السعدي في تفسير هذه الآية: ((أي: هل يجيب المضطرب، الذي أقلقته الكروب، وتعسر عليه المطلوب، واضطر للخلاص مما هو فيه إلا الله وحده؟، ومن يكشف السوء، أي: البلاء، والشر، والنقمة إلا الله وحده؟، ومن يجعلكم خلفاء الأرض، يمكنكم منها، ويمد لكم بالرزق، ويوصل إليكم نعمه، وتكونون خلفاء من قبلكم، كما أنه سيميتكم ويأتي بقوم بعدكم، أإله مع الله، يفعل هذه الأفعال؟

لاأحد يفعل مع الله شيئاً من ذلك، حتى بإقراركم أيها المشركون؛ ولهذا كانوا إذا مسهم الضر، دعوا الله مخلصين له الدين، لعلمهم أنه وحده المقتدر على دفعه وإزالته، (قليلاَ ما تذكرون (أي: قليل تذكركم وتدبركم للأمور التي إذا تذكرتموها ادكرتم، ورجعتم إلى الهدى، ولكن الغفلة والإعراض شامل لكم، فلذلك ما ارعويتم ولا اهتديتم) (١) .

والكرب إذا اشتد وأيس العبد من جميع المخلوقين، وتعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل على الله، وهو من أعظم ما تطلب به الحوائج، ومن توكل على ربه كفاه (٢) ، (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه ((٣) .

فالفرج يحصل سريعاً مع الكرب، فلا دوام للكرب، وحينئذ فيحسن لمن نزل به كرب أن يكون صابراً محتسباً، راجياً سرعة الفرج مما نزل به، حسن الظن بمولاه، في جميع أموره، فالله (أرحم به من كل راحم، حتى أمه وأبيه؛ إذ هو (أرحم الراحمين.


(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص ٥٥٧.
(٢) انظر فتح المبين لشرح الأربعين ص ١٧٨،وبهجة الناظرين ص ١٣٦.
(٣) سورة الطلاق،الآية ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>