للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول السعدي: ((وقوله: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (: بشارة عظيمة أنه كلما وجد عسر وصعوبة؛ فإن اليسر يقاربه ويصاحبه ... وتعريف (العسر) في الآيتين يدل على أنه واحد، وتنكير (اليسر) يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين.

وفي تعريفه بالألف واللام، الدال على الاستغراق والعموم دلالة على أن كل عسر، وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ، فإنه في آخره اليسر ملازم له)) (١) .

ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ((٢) ، ففي هذه الآية بشارة للمعسرين بأن الله تعالى سيزيل عنهم الشدة، ويرفع عنهم المشقة (٣) .

والكرب والعسر والشدة أمور تصقل العبد وتصفيه من الشوائب؛ إذ تزيد من تعلقه بربه والالتجاء إليه بإخلاص وحسن اتباع، فتطهره من ذنوبه إذا صبر واحتسب، وأخلص وتابع، والعسر لا يدوم بالعبد بل معه اليسر والفرج.

وقد استدل ابن كثير (٤) على هذه المسألة، بحديث عن رسول الله (، جاء في إحدى رواياته، عن أبي هريرة (قال: أصاب رجلاً حاجةٌ، فخرج إلى البرية، فقالت امرأته: اللهم ارزقنا ما نعتجن، وما نختبز، فجاء الرجل والجفنة ملأى عجيناً، وفي التنور حبوب الشواء، والرحى تطحن، فقال: من أين هذا؟ قالت: من رزق الله، فكنس ما حول الرحى، فقال رسول الله (: (لو تركها لدارت أو طحنت إلى يوم القيامة) (٥) .


(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص ٨٥٩، وانظر تفسير القرآن العظيم ٤/٥٢٧.
(٢) سورة الطلاق، الآية ٧.
(٣) انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص ٨٠٨.
(٤) انظر تفسير القرآن العظيم ٤/٣٨٤.
(٥) أخرجه الطبراني في الأوسط ٢/٤١، والبيهقي في الدلائل ٦/١٠٥، والبزار في مسنده ٤/٢٦٧، وأحمد في مسنده ٢/٥١٣، ٤٢١ برواية أخرى، وانظر مجمع الزوائد ١٠/٢٠٧، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٦/١٠٥١،١٠٥٢، ح ٢٩٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>