للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس المقصود بالرحمة معنى ضيقاً محدوداً، يشمل شخصاً دون آخر، أو جماعة دون أخرى، أو جنساً دون غيره، بل الرحمة بمعناها العام الذي يشمل كل من يستحق الرحمة من خلق الله تعالى.

عن أبي موسى (أنه سمع النبي (يقول: ((لن تؤمنوا حتى تراحموا)) قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم، قال: ((إنه ليس رحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة)) (١) .

أي الرحمة الشاملة لجميع خلق الله جل في علاه.

وإن من مقتضى الإيمان أن يكون المسلم صابراً محتسباً، راضياً بما قدر الله له، فالرسول (يقول: ((ليس منا من لطم الخدود. وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)) (٢) .

فإذا وقر الإيمان في القلب، تقبل المؤمن كل ما يأتيه في السراء والضراء، لأنه يعلم أن أمره كله خير، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له)) (٣) .

فالمؤمن لا يخاف من المصائب والأقدار، إنما يخاف من الذنوب والسيئات وسوء الأخلاق. قال عبد الله بن مسعود (: ((إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل، يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه، فقال به هكذا)) قال أبو شهاب: بيده فوق أنفه" (٤) .


(١) أخرجه أبو يعلى في المسند (٧/٢٥٠) ، والطبراني في مكارم الأخلاق ص (٥٥) ، وقال الهيثمي في المجمع (٨/١٨٧) ، رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٣/١٦٣) .
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الزهد الرقائق (٤/٢٢٩٥) .
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الدعوات (٧/١٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>