للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما بين الرسول (للمؤمن ميزاناً يعرف به إيمانه فقال عليه الصلاة والسلام: (إذا ساءتك سيئتك، وسرتك حسنتك، فأنت مؤمن) (١) . فالمؤمن دائماً يسعى إلى مكارم الخلاق يتحلى بها، وإلى محاسن السجايا يتصف بها، حتى يكتمل إيمانه، ويثقل ميزان حسناته يوم القيامة، فيدخل جنة ربه.

وقد فهم الصحابة رضوان عليه ذلك فحرصوا عليه، عن أم الدرداء قالت: قام أبو الدرداء ليلة يصلى. فجعل يبكي، ويقول: اللهم أحسنت خلقي، فحسن خلقي، حتى أصبح، فقلت يا أبا الدرداء، ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق، فقال: يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه، حتى يدخله حسن خلقه الجنة، ويسئ خلقه، حتى يدخله النار، والعبد المسلم يغفر له وهو نائم. فقلت: يا أبا الدرداء، كيف يغفر له. وهو نائم؟ قال: يقوم أخوه من الليل فيتهجد، فيدعو الله عز وجل فيستجيب له، ويدعو لأخيه، فيستجيب له فيه (٢) .

وعن عطاء عن ابن عباس، لما دخل رسول الله (على الأنصار، فقال: أمؤمنون أنتم؟

فسكتوا، فقال عمر: نعم يا رسول الله.

قال: وما علامة إيمانكم؟

قالوا: نشكر على الرخاء، ونصبر على البلاء، ونرضى بالقضاء.

فقال (: مؤمنون ورب الكعبة (٣) .

فالرسول عليه الصلاة والسلام جعل هذه الأخلاق الكريمة من الشكر على النعمة، والصبر على البلوى، والرضا بما قضى الله وقدر أمارات وعلامات على الإيمان بالله سبحانه وتعالى.


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٥/٢٤٦) ، والطبراني في الكبير (٨/١٣٧) ، والحاكم في المستدرك (١/١٤) ، وقال: صحيح متصل على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في المجمع (١/٨٦) : رواه الطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١/٣٨٧) .
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (١١/١٢٣) ، وفي الأوسط (٩/١٦٣) ، وسكت عنه الهيثمي في مجمع البحرين (١/١٩٥،١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>