للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بين الله تعالى الجزاء الذي يستحقه المتصف بالأمانة فقال عز وجل: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (] المؤمنون ١، ١١ [.

وعلق ابن كثير رحمه الله تعالى على هذه الآية قائلاً: (هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات المذكورة في الآيات هم المفلحون السعيدون) (١) .

فالأمانة فضيلة من الفضائل وخلق اجتماعي لا يستطيع أي مؤمن أن يستغني عنها إن كان يرجو الله واليوم الآخر والثواب العظيم.

فقد قال رسول الله (: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته)) (٢) .

ويتضح معنى الأمانة من خلال قوله سبحانه وتعالى: (إنا عرضا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً (] الأحزاب ٧٢ [.

فالأمانة فسّرها ابن عمر بالنية التي يعتقدها الإنسان، فيما يظهره باللسان من الإيمان، ويؤديه من الفرائض في الظاهر (٣) .

وقد ذكر الحافظ ابن كثير أقوال المفسرين في معنى الأمانة في هذه الآية، وذكر منها الفرائض، والطاعة، والدين، والحدود، قال ابن كثير: (وكل هذه الأقوال لا تنافي بينها، بل هي متفقة وراجعة إلى أنها التكليف، وقبول الأوامر والنواهي) (٤) .


(١) تفسير ابن كثير (٣/٢٣٢) .
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٢/٤٤١) . برقم (٨٩٣) مع الفتح.
(٣) انظر: لسان العرب (١٣/٢٢) .
(٤) تفسير ابن كثير (٣/٥٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>