للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر ابن القيم رحمه اللَّه تعريف القلب المريض فقال: (هو قلب له حياة وبه علة. فله مادتان، تمده هذه مرة، وهذه أخرى. وهو لما غلب عليه منهما، ففيه من محبة اللَّه تعالى والإيمان به والإخلاص له، والتوكل عليه: ما هو مادة حياته، وفيه من محبة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر والعجب، وحب العلو والفساد في الأرض بالرياسة: ما هو مادة هلاكه وعطبه، وهو ممتحن بين داعيين: داع يدعوه إلى اللَّه ورسوله والدار الآخرة، وداعٍ يدعوه إلى العاجلة. وهو إنما يجيب أقربهما منه باباً، وأدناهما إليه جواراً ... ) (١) .

المبحث الثالث: القلب القاسي

ورد ذكر قسوة القلب في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها: قوله تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ((٢) . وقوله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ((٣) .

قال الحافظ ابن رجب رحمه اللَّه في معنى هذه الآية: (فأخبر أن قسوة قلوبهم كانت عقوبة لهم على نقضهم ميثاق اللَّه وهي مخالفتهم لأمره وارتكابهم لنهيه بعد أن أخذت عليهم مواثيق اللَّه وعهوده ألا تفعلوا ذلك.. إلى أن قال رحمه اللَّه: فإن من تفقه لغير العمل يقسو قلبه فلا يشتغل بالعمل بل بتحريف الكلم وصرف ألفاظ الكتاب والسنة عن مواضعها ... الثاني: نسيان حظ مما ذكروا به من العلم النافع فلا تتعظ قلوبهم بل يذمون من تعلم ما يبكيه ويرق به قلبه ويسمونه قاصاً) (٤) .


(١) ... انظر: إغاثة اللهفان (١/٩) .
(٢) ... سورة البقرة، الآية: ٧٤.
(٣) ... سورة المائدة، الآية: ١٣.
(٤) انظر: بيان فضل علم السلف على علم الخلف (ص٩٩-١٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>