للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رجب رحمه اللَّه: (وأن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتِّقاءه للشّبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإن كان قلبه سليماً ليس فيه إلاَّ محبة اللَّه ومحبة ما يحبه اللَّه، وخشية اللَّه وخشية الوقوع فيما يكرهه صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرّمات كلها وتوقى الشبهات حذراً من الوقوع في المحرمات، وإن كان القلب فاسداً، قد استولى عليه اتِّباع هواه، وطلب ما يحبه، ولو كرهه اللَّه، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب ... ) (١) .

مما سبق يتبين لنا أهمية حياة القلب وصحته وأن الجوارح تابعة له، فما المقصود بحياة القلب وصحته؟

قال شيخ الإسلام رحمه اللَّه: (واعلم أن حياة القلب وحياة غيره ليست مجرد الحس والحركة الإرادية، أو مجرد العلم والقدرة كما يظن ذلك طائفة من النظار في علم اللَّه وقدرته، كأبي الحسين البصري، قالوا: إن حياته أنه بحيث يعلم ويقدر، بل الحياة صفة قائمة بالموصوف، وهي شرط في العلم والإرادة والقدرة على الأفعال الاختيارية، وهي أيضاً مستلزمة لذلك، فكل حي له شعور وإرادة وعمل اختياري بقدرة، وكل ما له علم وإرادة وعمل اختياري، فهو حي.


(١) انظر: جامع العلوم والحكم (١/٢١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>