للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود: أن من أمراض القلوب ما يزول بالأدوية الطبيعية، ومنها ما لا يزول إلاَّ بالأدوية الشرعية الإيمانية، والقلب له حياة وموت، ومرض وشفاء، وذلك أعظم مما للبدن) (١) .

٣ - ومن الأدوية الناجحة لعلاج مرض الحسد وغيره التقوى والصبر.

قال شيخ الإسلام رحمه اللَّه: (فمن وجد في نفسه حسداً لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر، فيكره ذلك من نفسه، وكثير من الناس الذين عندهم دين لا يعتدون على المحسود، فلا يعينون من ظلمه، ولكنهم أيضاً لا يقومون بما يجب من حقه، بل إذا ذمه أحد لم يوافقوه على ذمه ولا يذكرون محامده، وكذلك لو مدحه أحسد لسكتوا، وهؤلاء مدينون في ترك المأمور في حقه مفرطون في ذلك؛ لا معتدون عليه، وجزاؤهم أنهم يبخسون حقوقهم فلا ينصفون أيضاً في مواضع، ولا ينصرون على من ظلمهم كما لم ينصروا هذا المحسود، وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب ومن أتقى وصبر فلم يدخل في الظالمين نفعه اللَّه بتقواه ... ) (٢) .

وقال ابن القيم رحمه اللَّه: (وجمع سبحانه بين الصبر واليقين (٣) إذ هما سعادة العبد، وفَقدُهما يُفقِده سعادته، فإن القلب تطرقه طوارق الشهوات المخالفة لأمر اللَّه، وطوارق الشبهات المخالفة لخبره فبالصبر يَدفعُ الشهوات، وباليقين يدفع الشبهات (٤) ، فإن الشهوة والشبهة مُضادّتان للدّين من كل وجهٍ، فلا ينجو من عذاب اللَّه إلاَّ من دفع شهواته بالصبر وشبهاته باليقين ... ) (٥) .

٤ - ومن أدوية أمراض القلوب كمرض العشق وغيره إخلاص الدين لله وحده لا شريك له ومحبته سبحانه وحده والخوف منه.


(١) انظر: إغاثة اللهفان (١/١٨-٢٠) .
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/١٢٥) .
(٣) كما في قوله تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ( [سورة السجدة: ٢٤]
(٤) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١/١٢٠) .
(٥) رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ص١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>