للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الطريق المانع من حصول هذا الداء، فأمران: أحدهما: غض البصر كما تقدم، فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته، الثاني: اشتغال القلب بما يبعده عن ذلك ويحول بينه وبين الوقوع فيه ... إلى أن قال: وإذا عرفت هذه المقدمة فلا يمكن أن يجتمع في القلب حب المحبوب الأعلى وعشق الصور أبداً، بل هما ضدان لا يجتمعان، بل لابد أن يخرج أحدهما صاحبه، فمن كانت قوة حبه كلها للمحبوب الأعلى الذي محبة ما سواه باطلة وعذاب على صاحبها صرفه ذلك عن محبة ما سواه، وإن أحبه لم يحبه إلاَّ لأجله، أو لكونه وسيلة إلى محبته، أو قاطعاً له عما يضاد محبته وينقصها، والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب وأن لا يشرك بينه وبين غيره في محبته، وإذا كان المحبوب من الخلق يأنف ويغار أن يشرك معه محبة غيره، ويمقته لذلك، ويبعده ولا يحظيه بقربه، ويعده كاذباً في دعوى محبته، مع أنه ليس أهلاً لصرف كل قوة المحبة إليه فكيف بالحبيب الأعلى الذي لا تبتغى المحبة إلاَّ له وحده، وكل محبة لغيره فهي عذاب على صاحبها ووبال؟ ولهذا لا يغفر اللَّه سبحانه أن يشرك به في هذه المحبة، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ... ) (١) .

٥ - ومن أدوية أمراض القلوب اليأس من حصول المطلوب من عشق أو شهوة أو غيرها.


(١) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص٢٥٩، ٢٦٢، ٢٦٣، ٢٦٤، وقد عقد ابن القيم رحمه اللَّه فصلاً في هديه صلى اللَّه عليه وسلم في علاج العشق في أكثر من أربع صفحات ذكر فيه كلاماً مفيداً في علاج هذا المرض لم أذكره مخافة الإطالة. انظر: زاد المعاد (٣/١٥١-١٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>