للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام رحمه اللَّه: (ومن في قلبه مرض الشهوة وإرادة الصورة متى خضع المطلوب طمع المريض، والطمع الذي يقوي الإرادة والطلب، ويقوي المرض بذلك، بخلاف ما إذا كان آيساً من المطلوب، فإن اليأس يزيل الطمع فتضعف الإرادة فيضعف الحب، فإن الإنسان لا يريد أن يطلب ما هو آيس منه، فلا يكون مع الإرادة عمل أصلاً، بل يكون حديث نفسٍ إلاَّ أن يقترن بذلك كلام أو نظر ونحو ذلك فيأثم بذلك ... ) (١) .

٦ - ومن أدوية أمراض القلوب:

دوام الاستعانة باللَّه تعالى والتعرض لأسباب مرضاته والتجاء القلب إليه وإقباله عليه في حركاته وسكناته. قال ابن القيم رحمه اللَّه: (ولما علم عدو اللَّه إبليس أن المدار على القلب والاعتماد عليه، أجلب عليه بالوساوس وأقبل بوجوه الشهوات إليه، وزين له من الأحوال والأعمال ما يصده به عن الطريق وأمدّه من أسباب الغَيّ بما يقطعه عن أسباب التوفيق، ونصب له من المصايد والحبائل ما أن سلم من الوقوع فيها لم يسلم من أن يحصل له بها التعويق، فلا نجاة من مصايده ومكايده إلاَّ بدوام الاستعانة باللَّه تعالى، والتعرض لأسباب مرضاته، والتجاء القلب إليه وإقباله عليه في حركاته وسكناته، والتحقق بذل العبودية الذي هو أولى ما تلبس به الإنسان ليحصل له الدخول في ضمان (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ((٢) ، فهذه الإضافة هي القاطعة بين العبد وبين الشياطين، وحصولها سبب تحقيق مقام العبودية لرب العالمين، وإشعار القلب إخلاص العمل ودوام اليقين، فإذا أشرب القلب العبودية والإخلاص صار عند اللَّه من المقربين وشمله استثناء (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ((٣) (٤) .


(١) مجموع الفتاوى (١٠/١٣٢) .
(٢) سورة الحجر، الآية ٤٢.
(٣) سورة ص، الآية ٨٣.
(٤) إغاثة اللهفان (١/٥-٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>