٧ - ومن أدوية أمراض القلوب: الاستعاذة باللَّه من الشيطان عند قراءة القرآن. قال ابن القيم رحمه اللَّه:(فأمر سبحانه بالاستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن وفي ذلك وجوه منها: أن القرآن شفاء لما في الصدور يُذْهِب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة، فهو دواء لما أمَرَّه فيها الشيطان، فأمر أن يطرد مادة الداء ويُخلى منه القلب ليصادف الدواء محلا خالياً، فيتمكن منه ويؤثر فيه ... فيجيء هذا الدواء الشافي إلى القلب قد خلا من مزاحم ومُضادّ له فينجع فيه.
ومنها أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب، كما أن الماء مادة النبات والشيطان نار يحرق النبات أولاً فأولاً، فكلما أحس بنبات الخير من القلب سعى في إفساده وإحراقه، فأمر أن يستعيذ باللَّه عز وجل منه لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله، أن الاستعاذة في الوجه الأول لأجل حصول فائدة القرآن، وفي الوجه الثاني لأجل بقائها وحفظها وثباتها ... ) (١) .
وأمَّا قسوة القلب فقد ذكر القرطبي رحمه اللَّه لعلاجه عدة أمور فقال:
(قال العلماء رحمة اللَّه عليهم: ليس للقلوب أنفع من زيارة القبور وخاصة إن كانت قاسية فعلى أصحابها أن يعالجوها بثلاثة أمور:
أحدها: الإقلاع عما هي عليه بحضور مجالس العلم بالوعظ والتذكر، والتخويف والترغيب، وأخبار الصالحين. فإن ذلك مما يلين القلوب وينجع فيها.
الثاني: ذكر الموت، فيكثر من ذكر هادم اللذات ومفرِّق الجماعات ومُيَتِّم البنين والبنات.
قال العلماء: تذكر الموت يردع عن المعاصي، ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا ويهون المصائب فيها.
(١) إغاثة اللهفان (١/٩٢) ومن أراد الاستزادة من ذلك فقد خصص ابن القيم رحمه اللَّه الباب الثاني عشر في كتابه إغاثة اللهفان (١/٩٠-١٠٢) كله في علاج مرض القلب بالاستعاذة من الشيطان.