للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: مشاهدة المحتضرين، فإنّ في النظر إلى الميت ومشاهدة سكراته، ونزعاته، وتأمل صورته بعد مماته، ما يقطع عن النفوس لذاتها، ويطرد عن القلوب مسراتها، ويمنع الأجفان من النوم، والأبدان من الراحة، ويبعث على العمل، ويزيد في الاجتهاد والتعب.

فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبُهُ، ولزمه ذنبُهُ، أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وإغوائه، فإن انتفع بها فذاك، وإن عظم عليه ران القلب واستحكمت فيه دواعي الذنب، فزيارة قبور الموتى تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول، والثاني والثالث ... ) (١) .

الفصل الرابع:آثار الذنوب والمعاصي على القلوب

للمعاصي والذنوب من الآثار القبيحة المذمومة، المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلاَّ اللَّه (٢) .

قال ابن القيم رحمه اللَّه: (فمما ينبغي أن يعلم: أن الذنوب والمعاصي تضر، ولا شك أن ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شرور وداء إلاَّ سببه الذنوب والمعاصي ... ) (٣) .


(١) انظر: التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة (١/٢٧-٢٨) .
(٢) قال الغزالي رحمه اللَّه في إحياء علوم الدين ٣/١٤: (وأما الآثار المذمومة فإنها مثل دخان مظلم يتصاعد إلى مرآة القلب ولا يزال يتراكم عليه مرة بعد أخرى إلى أن يسود ويظلم ويصير بالكلية محجوباً عن اللَّه تعالى، وهو الطبع وهو الرين قال اللَّه تعالى: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( [المطففين: ١٤]
... ومهما تراكمت الذنوب طبع على القلوب وعند ذلك يعمى القلب عن إدراك الحق وصلاح الدين ويستهين بأمر الآخرة ويستعظم أمر الدنيا ويصير مقصور الهم عليها، فإذا قرع سمعه أمر الآخرة وما فيها من الأخطار دخل من أذن وخرج من أذن ولم يستقر في القلب ولم يحركه إلى التوبة والتدارك ... ) .
(٣) الجواب الكافي ص٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>