للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن قال رحمه اللَّه: والمقصود: أنه كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس، وقد تضعف في القلب جداً حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره، وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك، وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح، بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له، ويدعوه إليه ويحثه عليه، ويسعى له في تحصيله، فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة يميت القلب فتموت له الجوارح، فلا يبقى عندها دفع البتة، ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلاً، ولم يجد دافعاً، فتمكن منها الهلاك) (١) .

(٢) ومن عقوباتها: (ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب، وهو أصل كل خير، وذهابه كل خير بأجمعه ... ) (٢) .

(٣) ومن عقوباتها (أنها تضعف القلب من تعظيم الرب جل جلاله، وتضعف وقاره في قلب العبد ولابد، شاء أم أبى، ولو تمكن وقار اللَّه وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معاصيه، وربما اغتر المغتر وقال: إنما يحملني على المعاصي حسن الرجاء، وطمعي في عفوه، لأضعف عظمته في قلبي، وهذا من مغالطة النفس، فإن عظمة اللَّه تعالى وجلاله في قلب العبد يقتضي تعظيم حرماته وتعظيم حرماته يحول بينه وبين الذنوب والمتجرئون على معاصيه ما قدروه حق قدره ... ) (٣) .

(٤) ومن عقوباتها: أنها تضعف سير القلب إلى اللَّه والدار الآخرة، وتعوقه وتوقفه وتعطفه عن السير، فلا تدعه يخطو إلى اللَّه خطوة، هذا إن لم ترده عن وجهته إلى ورائه.


(١) انظر: الجواب الكافي ص١١٥-١١٧.
(٢) الجواب الكافي ص١١٨.
(٣) الجواب الكافي ص١١٩-١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>