ج - ما قد يحصل بمزاولة المرأة للتجارة من انكشاف شيء من جسدها من وجه أو يد أو رجل إلى غير ذلك وناهيك بالفتنة الحاصلة به وهذه المفسدة متحققة فإنها إذا باشرت التجارة سوف ترفع البضائع وتضعها وتصعد السلالم وتنزل وتحمل على رأسها وظهرها فأي تستر يحصل إذا قامت بهذه الأعمال أمام الرجال، ثم إن التجارة ليست فقط بيعا في المحلات بل ربما تكون عاملة بجسدها في إصلاح الطرق وحفر الآبار وقطع الأخشاب وبناء البيوت فأي حجاب والحال ما ذكر.
بهذا يتلخص:
أن مزاولة التجارة في الأسواق مباحة للرجل، وغير مباحة للمرأة إلا بقيود زائدة على ما يجب على الرجل أن يتقيد به، وذلك عائد إلى ما يترتب على خروجها للتجارة من مفاسد زائدة على ما يترتب على خروج الرجل، وقد سبق وأن أجملت أهم هذه المفاسد على سبيل التمثيل لا الحصر، والله أعلم.
المبحث الثاني: حكم التفريق بين الأمة وولدها والعبد وولده في البيع
هذه المسألة تدور حول بيع العبيد من حيث جواز التفريق بين الوالد وولده في البيع ومما هو معلوم أن المالك للعبيد له مصلحة في بيع عبيده كيف شاء، وألا يقيد في ذلك بقيود، كما أن في التفريق بين الوالد وولده ضرراً بالغاً لما جعل الله بين الآباء والأبناء من الحب والشفقة والرحمة حتى إن حب الأم لولدها صار مضرب المثل يدل لذلك ما روى الشيخان من حديث عمر بن الخطاب (قال قدم على النبي (سبي فإذا امرأة من السبي تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي (:" أترون هذه طارحة ولدها في النار"؟ قلنا: لا وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال:" لله أرحم بعباده من هذه بولدها "(١) .
(١) صحيح البخاري مع الفتح ١٠/٤٢٦ في الأدب باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته حديث رقم ٥٩٩٩، صحيح مسلم ٤/٢١٠٩ في التوبة باب في سعة رحمة الله تعالى... حديث رقم ٢٧٥٤.