للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: لبعض أهل العلم ومنهم الأحناف يرون أن البخر ليس بعيب في العبد ولا يُردُّ به البيع إلا إذا كان فاحشاً لا يكون مثله في عامة الناس أو كان ناتجاً عن مرض فيرد لأجل المرض (١) .

الأدلة:

أدلة القول الأول:

١-أن ما كان عيباً في الأمة كان عيباً في العبد كالسرقة (٢) وقد تقدم أن البخر عيب في الأمة اتفاقاً.

٢- أن البخر يمنع من مقاربة العبد ويؤذي مَنْ جالسه أو خاطبه أو سارَّه (٣) .

أدلة القول الثاني:

استدل أهل القول الثاني بقولهم إن المقصود من العبد الاستخدام والبخر ليس مانعاً منه فلا يُعدُّ عيباً إلا أن يكون من داء؛ لأن الداء عيب (٤) .

قلت: والذي يظهر لي أن قول الجمهور أقوى لأن البخر يؤذي بلا شك، والقيمة تتفاوت به فليست الرغبة في من به بخر كالرغبة في من لا بخر به وإذا كان الأمر كذلك فإنه عيب يرد به البيع كيف والنبي (قال: " من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزل مسجدنا " (٥) فعد النبي (الثوم والبصل مع حلهما من الخبائث التي تمنع آكلمها من دخول المسجد لخبث رائحتمها والبخر أشد أذىً من الثوم والبصل لخبث رائحته، ولكونه ملازماً للمصاب به دائماً بخلاف الثوم والبصل والجامع بين الأمرين التأذي بالرائحة فالشرع اعتبر الأذى هناك ومنع صاحبه من دخول المسجد لكي لا يؤذي الناس، فليعتبر هنا ما هو أشد أذىً فيرد به البيع لكي لا يؤذي المشتري.

ثانياً: الذَّفر:

تعريفه:


(١) الهداية والبداية وشرح فتح القدير ٦/٣٦، تحفة الفقهاء ٢/٩٤.
(٢) الحاوي ٥ /٢٥٣.
(٣) الحاوي ٥/٣٥٣، المغني ٦/٢٣٦.
(٤) بداية المبتدئ وشرح فتح القدير ٦/٣٦٠.
(٥) صحيح البخاري مع الفتح ٢/٣٣٩ في الأذان باب ما جاء في الثوم الني والبصل حديث ٨٥٥، صحيح مسلم ١/ ٣٩٤ في المساجد باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً حديث ٥٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>