للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله فقال: ((قد نُسب إلى مالك رحمه الله تعالى القول بجواز وطء الرجل امرأته في دبرها، وهو كذب على مالك وأصحابه فكتبهم كلها مصرِّحة بتحريمه، ثم لما استقر عند هؤلاء أن مالكاً يبيح ذلك نقلوا الإباحة من الإناث إلى الذكور وجعلوا البابين باباً واحداً، وهذا كفر وزندقة من قائله بإجماع العلماء)) ثم قال: ((ونظير هذا الظن الكاذب، والغلط الفاحش ظن كثير من الجهال أن الفاحشة بالمملوك كالمباحة أو مباحة، أو أنها أيسر من ارتكابها من الحر ... قال شيخنا - أي ابن تيمية - ومن هؤلاء من يتأول قوله تعالى: (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ( [البقرة ٢٢١] على ذلك - أي إباحة ذكران العبيد المؤمنين - ... ومنهم من يجعل ذلك مسألة نزاع يبيحه بعض العلماء، ويحرّمه بعضهم، ويقول: اختلافهم شبهة، وهذا كذب وجهل)) (١) .

ولا يبقى بعد هذا كله إلا الحذر ثم الحذر من إطلاق الفتاوى على عواهنها من غير قيد ولا ضابط.

ثم إن لهؤلاء الأئمة حقاً آخر - دون الحق الأول - وهو ردُّ المسائل التي أخطأوا فيها الاجتهاد وعرضها على الكتاب والسنة، فهذه وصيتهم رحمهم الله تعالى، حكى البويطي (٢) أنه سمع الشافعي يقول: ((قد ألفت هذه الكتب ولم آل فيها ولابد أن يوجد فيها الخطأ، إن الله تعالى يقول: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ( [النساء ١٢٠] فما وجدتم في كتبي مما يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه)) (٣) .


(١) انظر: إغاثة اللهفان ٢ / ١٨٠ - ١٨٢.
(٢) هو يوسف بن يحيى البويطي القرشي، أبو يعقوب، صاحب الشافعي، له كتاب ((المختصر)) توفي سنة ٢٣١ هـ.
انظر ترجمته في: شذرات الذهب ٣ / ١٤٣، الأعلام ٨ / ٢٥٧.
(٣) انظر: الآداب الشرعية ٢ / ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>