للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكون إلا من الإنزال، فكان أحمد ينكر ذلك ويقول: ما أحفظ أني قلت به قط، فقيل له: بلغنا أنك تقوله، فقال: الله المستعان، من يكذب عليَّ في هذا أكثر من ذاك (١) . ورحم الله الإمام أحمد فما زال الكذب على العلماء، وتقويلهم ما لم يقولوه، باق حتى يومنا هذا.

ثم أليس من أوثق عرى الإسلام النصيحة؟ يقول عليه الصلاة والسلام:

((الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله عزَّ وجل ولكتابه، ولرسوله (، ولأئمة المؤمنين وعامتهم)) (٢) . فأين النصيحة للعلماء؟ فهم من جملة أئمة المؤمنين، يقول ابن رجب: ((ومما يختص به العلماء - أي في النصيحة - ردّ الأهواء المضلة بالكتاب والسنة على موردها، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلاّت العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردّها)) (٣) .

فمن حقهم أن لا ننسب لهم قول - يجد الواحد منّا حرجاً أن ينسبه لنفسه، فضلاً أن ينسبه لهؤلاء الأئمة - لاسيما للعوام منهم: فهم مولعون بالنوادر، متهالكون على الغرائب، لذلك كان هذا أخوف ما يُخاف علينا، فالعالم إذا زلّ، زلَّت معه أمّة، وإني لناقلٌ لك من قبائح فهم العوام مما قصّه لنا ابن القيم (٤)


(١) ذكرها ابن رجب في فتح الباري ١ / ٣٨٥.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الايمان رقم (٩٥) عن تميم بن أوس الداري.
(٣) انظر: جامع العلوم والحكم ص ٩٨.
(٤) هو محمد بن أبي بكر الحنبلي، الشهير بابن قيم الجوزية، شمس الدين، أبو عبد الله، صاحب ((إعلام الموقعين)) و ((إغاثة اللهفان)) توفي سنة ٧٥١ هـ.

انظر ترجمته في: شذرات الذهب ٨ / ٢٨٧، الأعلام ٦ / ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>