للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق الذي عليه الأئمة الأربعة وجمهورهم أن الحق من ذلك واحد من أقوالهم وأفعالهم، والباقون مخطئون، غير أنه معذور بخطئه (١) ، للحديث الصحيح: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد)) (٢) .

ثم اختلف هؤلاء الأئمة - وهو اختلاف لا يقدح في أصل القاعدة - فيمن لم يصب الحكم الباطن: هل يقال: إنه مصيب في الظاهر؟ فقيل: المخطئ في الحكم مخطئ في الاجتهاد ولا يطلق عليه اسم الإصابة بحال. وقيل: إنه مصيب في الظاهر، لكونه أدى الواجب المقدور عليه من اجتهاده (٣) .

وتنازعوا أيضاً علامَ يؤجر المخطئ؟ بين قائلٍ: إنه يؤجر على القصد إلى الصواب، ولا يؤجر على الاجتهاد، لأنه اجتهاد أفضى به إلى الخطأ، وهو اختيار المزني.

وبين قائلٍ: إنه يؤجر عليه وعلى الاجتهاد معاً، لأنه بذل ما في وسعه في طلب الحق، والوقوف عليه (٤) .

وذهب الخطابي (٥) إلى أن المجتهد إذا أخطأ فلا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط، فجعل قوله ش: ((وله أجر واحد)) مجازاً عن وضع الإثم (٦) .


(١) انظر: تيسير التحرير ٤ / ٢٠٢، شرح تنقيح الفصول ص ٤٣٨، البحر المحيط ٦ / ٢٤١، شرح الكوكب المنير ٤ / ٤٨٩.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام، باب أجر الحاكم، رقم (٧٣٥٢) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
(٣) انظر: البحر المحيط ٦ / ٢٤٥، مجموع الفتاوى ١٩ / ١٢٥.
(٤) انظر: الشرح الكبير ١٢ / ٤٧٨، شرح الكوكب المنير ٤ / ٤٩٠، فواتح الرحموت
٢ / ٣٨١.
(٥) هو أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي الشافعي، صاحب ((معالم السنن)) و ((غريب الحديث)) توفي سنة ٣٨٨ هـ.
انظر ترجمته في: شذرات الذهب ٤ / ٤٧٢، الأعلام ٢ / ٢٧٣.
(٦) انظر: معالم السنن ٤ / ٢٤٩، فتح الباري ١٣ / ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>