للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسمى أيضاً قاعدة: ((الخروج من الخلاف)) وصلتها بهذا البحث ما ذكره الشاطبي، أن هذه القاعدة أشكلت على طائفة من المالكية، منهم ابن عبد البرِّ، وذلك لأن قولنا: ((الخلاف لا يكون حجة)) يتناقض مع هذه القاعدة، لأن دليلي القولين لابد أن يكونا متعارضين، كل واحد منهما نقيض ما يقتضيه الآخر. ومراعاة الخلاف، يعني إعطاء كل واحد منهما ما يقتضيه الآخر، أو بعض ما يقتضيه، وهذا تناقض (١) .

وهذا الإشكال وقع فيه بعض الأئمة من غير المالكية كابن أبي هريرة من الشافعية، وبعض الحنابلة (٢) ، وسببه أنهم أطلقوا هذه القاعدة من عقالها، وطردوها في كل خلاف، بحيث إذا وقع خلاف فالخروج منه أفضل من التورط فيه مطلقاً.

وليس الأمر كذلك، فالقاعدة لها ضابط، وهو أن يكون دليل المخالف قوياً بحيث لا يبعد قوله كل البعد فحينئذ يستحب الخروج من الخلاف، حذراً من كون الصواب مع الخصم، لاسيما إذا قلنا بأن مدعى الإصابة لا يقطع بخطأ مخالفه، ومثاله: المضمضة والاستنشاق، فهما فرضان عند الحنفية والحنابلة (٣) ، والتسمية في الوضوء، واجبة عند الحنابلة (٤) ، فينبغي الخروج من الخلاف بفعلها.

أما إذا كان مأخذ المخالف واهناً، بعيداً عن الصواب، فلا ينظر إليه،


(١) انظر: الموافقات ٤ / ١٥١.
(٢) انظر: المنثور في القواعد للزركشي ١ / ٢٤٤، جامع العلوم والحكم ص ١٢٦.
(٣) انظر: شرح فتح القدير ١ / ٥٠، المغني ١ / ١٣٨.
(٤) انظر: المغني ١ / ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>