وكان رحمه الله على درجة عالية من العقل والذكاء والهيبة والوقار، قد شهد العلماء الأئمة له بذلك، وأنهت إلينا كتب المناقب والتاريخ الكثير في هذا الجانب، فمن أمثلة ذلك:(٨) . قال سفيان بن عينية. إن بالمدينة من بورك له في عقله، يعني مالك.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: دخلت المدينة سنة أربع وأربعين ومائة، ومالك أسود الرأس واللحية، والناس حواليه سكوت لا يتكلم أحد منهم هيبة له، ولا يفتي أحد في مسجد رسول الله غيره، فجلست بين يديه فسألته فحدثني، فاستزدته فزادني، ثم غمزني بعض أصحابه فسكت.
وقال: ما رأيت أثبت عقلا من مالك. وقال: ما أدركت أحدا من علماء الحجاز إلا معظما لمالك. وإن الله لا يجمع أمة محمد في حرمه وحرم نبيه إلا على هدى.
وكان شيخه ربيعه إذا رآه قال: قد جاء العاقل.
وقد شهد لمالك أنه بلغ رتبة الإمامة في العلم، وذكر أثره في حفظ العلم، لا سيما الحديث والفقه من الضياع، فمن ذلك:
قال عبد الله بن المبارك: ما رأيت أحدا ممن كتب عنه علم رسول الله أهيب في نفسي من مالك ولا أشد إعظاما لحديث رسول الله من مالك، ولا أشح على دينه من مالك، ولو قيل: اختر للأمة إماما لاخترت لهم مالكا.
وقال رجل لسفيان بن عيينة: يا أبا محمد، رجل أراد أن يسأل عن مسألة رجلا من أهل العلم ليكون حجة بينه وبين الله، فقال سفيان: مالك ممن يجعله الرجل حجة بينه وبين الله.
وقال النسائي:"وما أحد عندي بعد التابعين أنبل من مالك بن أنس ولا أجل، ولا آمن على الحديث منه (٩) ".
... وقال يحيى بن سعيد القطان "كان مالك أماما في الحديث، وقال سفيان بن عينية: " كان مالك إماما في الحديث (١٠) .
... وقال الشافعي:"لولا مالك وسفيان-ابن عينية- ذهب علم الحجاز (١١) . وقال:"إذا جاء الأثر فمالك النجم" وفي لفظ آخر: "إذا ذكر العلماء فمالك النجم (١٢)".
... وقال الشافعي:"العلم -يعني الحديث -يدور على ثلاث: مالك بن أنس وسفيان بن عينية، والليث بن سعد (١٣) .