للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجده يشير إلى مسوّغ لجواز البدل في الهمزة، فيقول: "وحَسَّنَ جواز البدل في الهمزة، وبعدها ساكن أنَّ الأول حرف مدّ ولين، فالمدُّ الذي يحدث مع الساكن يقوم مقام حركة يتوصل بها إلى النطق بالساكن الثاني" (١) . وقوله هذا فيه تأكيد للقول بأنَّ الألف حركة مضاعفة، فلا بأس من اعتبارها حركة قبل ساكن.

ويبدو أنَّ من قرأ " أَرَايْتَكَ " وفروعه بإبدال الهمزة ألفا يشبع المدّ، لالتقاء الساكنين.

وبذلك يتبين أنَّ إبدال الهمزة ألفاً في " أَرَأَيْتَ " رواية صحيحة؛ إذ هو مسموع من العرب وقد حكاه قطرب، وغيره كما في النشر (٢) .

ويذكر الدمياطي ت (١١١٧هـ) أنه إذا "وقف للأزرق في وجه البدل عليه على نحو أَرَأَيْتَ ... تعيَّن التسهيل بَيْنَ بَيْنَ لئلا يجتمع ثلاث سواكن ظواهر ولا وجود له في كلام عربي" (٣) .

وعلى الرغم من أنَّ الأصل تحقيق الهمزة التي هي عين الفعل من "أَرَأَيْتَ"، وما شابهه فإنَّه يغلب على ظني أنَّ لغة تسهيل همزة " أَرَأَيْتَ" بَيْنَ بَيْنَ، أو حذفها له ما يسوِّغه وفقاً لقانون الجهد الأقل في الاستعمال اللغوي فالكلمة إذا كثر استعمالها كما هو مشهور اعتراها بعض التغيير، أو الحذف، وذلك؛ لأنَّ كلمة " أَرَأَيْتَ" قد اجتمع فيها همزتان مفتوحتان بينهما حرفٌ مفتوحٌ أيضاً، وهذا أمر مستثقل، ويزيد ذلك ثقلاً اجتماع هاتين الهمزتين في الفعل مع اتصاله بضمير الفاعل، فكان لا بدَّ من تخفيف الهمزة بتسهيلها بين الهمزة، والألف، أو حذفها طلباً للتخفيف ولم يمتنع تخفيف الهمزة بَيْنَ بَيْنَ مع أنَّ ما بعدها ساكن؛ لأنَّها في زنة المخفَّفة المتحركة.


(١) مكي بن أبي طالب القيسي، الكشف عن وجوه القراءات السبع، ١/٤٣١.
(٢) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر، ١/٣٩٨.
(٣) الدمياطي، إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر، ص ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>