للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا حذف الهمزة هنا فليس له ضابط، ولا عِلَّة، ولكن لكثرة الاستعمال كراهة التكرير، والثقل.

قال مكي بن أبي طالب ت (٤٣٧ هـ) : "فإن قيل: فما بال الهمزة كُرِهَ فيها التكرير، واستُثْقِل ... فالجواب أنَّ الهمزة ... حرف بعيد المخرج جَلْد صعب على اللافظ ... مع ما فيها من الجهر والقوة ولذلك استعملت العرب في الهمزة ... التحقيق، والتخفيف، وإلقاء حركتها على ما قبلها، وإبدالها بغيرها من الحروف، وحذفها في مواضعها وذلك كله؛ لاستثقالهم لها ... فإذا انضاف إلى ذلك تكريرها كان أثقل كثيراً عليهم، فاستعملوا في تكرير الهمزة من كلمتين التخفيف للأولى، والتخفيف للثانية، والحذف للثانية والحذف للأولى، وبعضهم يحققهما جميعاً، إذ الأولى كالمنفصلة من الثانية، إذ هي من كلمة أخرى" (١) .

ومما تجدر الإشارة إليه أنَّه امتنع حذف الهمزة الأولى التي هي همزة الاستفهام في "أَرَأَيْتَكَ"، لأنَّ حذفها يخلُّ بالمعنى.

يتبينُ مما سبق أنَّ هناك أربع لغات في الهمزة من " أَرَأَيْتَ " وفروعه وهي:

١ -تحقيق الهمز، ٢ - تسهيله بَيْنَ بَيْنَ، ٣ - إبداله ألفاً، ٤ - حذفه.

والشواهد الشعرية ل "رأى" بتصاريفها كثيرة في المظانِّ اللغوية، والأدبية بيد أنني سأقتصر على إيراد شواهد " أَرَأَيْتَ" وفروعه، لأنَّ هذا البحث خاص به وقد كشف جمعي لشواهد هذا الباب أنَّ ما جاء منه من الشواهد الشعرية صيغتان هما:

... " أَرَيْتَ "، و "أَرَيْتَكَ" بلا همز.

... قال الراجز: أَرَيْتَ إنْ جَاءَتْ به أُمْلُودا مُرَجَّلاً ويلْبسُ البُرُودا (٢)


(١) مكي بن أبي طالب القيسي، الكشف عن وجوه القراءات السبع، ١/٧٢.
(٢) الشاهد في ملحقات ديوان رؤبة بن العجاج، تصحيح وليم بن الورد البرُوسيّ، مراجعة لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة، بيروت، منشورات دار الآفاق الجديدة، ط٢، ١٩٨٠م، ص ١٧٣.

... والشاهد بلا نسبة في الفارسي، المسائل الحلبيات، ص ٤٦، وابن جني، الخصائص، ١/١٣٦، والسمين الحلبي، الدر المصون، ٤/٦١٦، ٦٢٦، وابن منظور، لسان العرب إعداد يوسف خياط، بيروت، دار لسان العرب، (د. ت) ، (رأى) ، ١/١٠٩٣ وهو منسوب في خزانة الأدب إلى رجل من هذيل. البغدادي، خزانة الأدب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، القاهرة، مكتبة الخانجي، الرياض، دار الرفاعي، ط١، ١٩٨٣م، ١١/٤٢٠، الشاهد رقم (٩٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>