للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتبين من قول ابن جني أنَّ الكاف حرفُ خطابٍ، ولا يمكن أن تكون مفعولاً أول للأسباب الآتية:

أولاً: أنَّ السؤال في قولنا: "أَرَأَيْتَكَ زيداً ما صنع "إنَّما هو عن زيد،

ثانياً: أنه لا يجوز الاقتصار على زيد في الجملة السابقة؛ لأنَّ الفائدة لا تتمُّ عنده.

ثالثاً: أنَّ معنى الجملة السابقة، ومعنى "أَرَأَيْتَ زيداً ما صنع" واحد.

رابعاً: ثبات التاء موحَّدة مفتوحة.

ويذهب الفرَّاء ت (٢٠٧ هـ) مذهباً مغايراً، فالكاف عنده ضمير نصب استُعير للرفع أي أنها في موضع الفاعل استُعيِرتْ ضمائر النصب للرفع؛ قال الفرَّاء: "وموضع الكاف نصب، وتأويله رفع" (١) .

وينزل الكاف هنا منزلة الكاف في "دُوْنَكَ" في كونها مجرورة لفظاً مرفوعة معنى؛ فيقول: " ... كما أنَّك إذا قلت للرجل: دُوْنَكَ زيداً، وجدت الكاف في اللفظ خَفْضاً، وفي المعنى رفعاً؛ لأنَّها مأمورة" (٢) .

يريد أنَّ الكاف وإن كان لفظها لفظ المنصوب في نحو " أَرَأَيْتَكَ " إلا أنَّها مرفوعةُ المحلّ.

"والتاء" عنده هي حرفُ الخطاب؛ يقول أبو حيَّان الأندلسي ت (٧٤٥ هـ) : "ومذهب الفرَّاء أنَّ التاء هي حرف خطاب كهي في أنت، وأنَّ أداة الخطاب بعده هي في موضع الفاعل استُعيرت ضمائر النصب للرفع" (٣) .

ويبدو أن الفرَّاء ذهب هذا المذهب؛ لأن الفعل يتحوَّل عن التاء إلى الكاف.

ويعترض الزجاج ت (٣١١ هـ) على قول الفرَّاء هذا فيقول:"قال الفرَّاء لفظها لفظ نصب، وتأويلها تأويل رفع ... وهذا لم يَقُلْه من تقدَّم من النحويين، وهو خطأ" (٤) .


(١) الفرَّاء، معاني القرآن، ١/٣٣٣.
(٢) السابق.
(٣) أبو حيَّان الأندلسي، البحر المحيط، ٤/١٢٥، ١٢٦، وارتشاف الضرب له، ١/٥١٠. وهذا مخالف لمذهب الفراء في هذا الضمير حيث إن جمهور النحويين هم الذين يرون أن "التاء" من "أنت"، حرف خطاب أما الفراء فيرى أن المجموع هو الضمير.
(٤) الزجَّاج، معاني القرآن وإعرابه، ٢/٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>