للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك أفردت التاء في جميع الأحوال، وجعلت على لفظ واحد ثابت، وجُعل التغيُّر في الكاف، لَيدُلَّ على اختلاف أحوال الفاعل إفراداً وتثنية وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً.

و"أَرَأَيْتَكَ" هذه تاؤها تكون موحَّدةً مفتوحةً دائماً للمفرد والمثنى والجمع مذكَّراً كان، أو مؤنَّثاً إن اتصلت بها الكاف في حين أنَّ الكاف تتغير بتغير المخاطب.

قال الفرَّاء ت (٢٠٧هـ) : " ... تقول: " أَرَأَيْتَكَ"، وتنصب التاء منها ... وتترك التاء موحَّدة مفتوحة للواحد، والواحدة، والجميع في مؤنَّثه ومذكَّره.

فتقول للمرأة: أَرَايْتَكِ زيداً هل خرج؟ ، وللنسوة أَرَايْتَكُنَّ زيداً ما فعل؟ (١) . والفرَّاء يريد بقوله: "وتنصب التاء فيها": أي وتفتح التاء كما يبدو؛ لأنَّ التاء في " أَرَأَيْتَكَ " مبنيَّة على الفتح.

ومِمَّن أشار أيضاً إلى فتح التاء في "أَرَايْتَكَِ" وفروعه، واختلاف الكاف باختلاف المخاطب أبو العبَّاس ثعلب ت (٢٩١ هـ) (٢) .

ويعلَّل بن جني ت (٣٩٢ هـ) لزوم فتح التاء في "أَرَأَيْتَكَ"، وتغيُّر الكاف بعدها بتغير حال الفاعل بكَون التاء عُدَّت اسماً خالصاً، والكاف علامة الخطاب؛ يقول: "وإنما فُتِحَت التاء في كلَّ حال، واقتُصِر في علامة المخاطبين، وعددهم على ما بعد التاء في قولك للرجل: أَرَأَيْتَكَ زيداً ما صنَع؟ وللمرأة "أَرَأَيْتَكِ زيداً ما فَعَل؟ وأَرَأَيْتَكُما، وأَرَأَيْتَكُمْ، وأَرَأَيْتَكُنَّ بفتح التاء البتة؛ لأنها أُخْلِصَت اسماً، وجُعِلَتْ علامة الخطاب فيما بعد" (٣) .


(١) الفرَّاء، معاني القرآن، ١/٣٣٣.
(٢) أبو العبَّاس ثعلب، مجالس ثعلب، ١/٢٥٩.
(٣) ابن جني، سرّ صناعة الإعراب، ١/٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>